الدليل غزة (1)

| د. طارق آل شيخان الشمري

لطالما قامت الفضائيات الإخبارية الكبرى بمهاجمة وانتقاد وتسفيه من يريد التطبيع مع إسرائيل معتبرين ذلك "خيانة للقضية الفلسطينية واسترخاصا لدماء الشهداء الذين سقطوا طوال سبعين سنة، وبمثابة دفع ثمن فاتورة لواشنطن"، وغيرها من الحملات الإعلامية المنظمة سواء بالبرامج أو التقارير أو المناظرات التهريجية التي تبثها هذه الفضائيات حسب وجهة نظرها. وهذا حق لهذه الفضائيات طالما أن لها آيديولوجيا وفكرا وفلسفة تقوم على حماية الهوية العربية والوحدة والتضامن العربي الجماعي، لكن مع الأسف فإن غالبية الفضائيات الإخبارية الكبرى مارست التطبيع الإعلامي مع إسرائيل من خلال منح مساحة كبيرة لدعاة الحرب ومسح غزة من الوجود للظهور على شاشتها لتوجيه الاتهامات الباطلة بكل حرية بحق الشعب الفلسطيني وحقه المشروع.

وقد قمنا نحن في منتدى الأمن الإعلامي العربي "أرامس"، وهو من مؤسسات مجلس العلاقات العربية الدولية "كارنتر"، وبجهود مجموعة عربية من الخبراء والأكاديميين العرب، برصد ما إذا كان هناك أي نوع من التطبيع الإعلامي مع إسرائيل سواء مباشرا أو غير مباشر، وبعد جمع متابعات هؤلاء المختصين العرب للمحتوى الإعلامي الذي كانت تبثه الفضائيات الإخبارية العربية الكبرى خلال العدوان الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين، توصلنا إلى نتيجة واضحة تتمثل في أن الغالبية الساحقة من هذه الفضائيات الكبرى انتهجت أكذوبة شعارات الرأي الآخر والحيادية والمهنية والموضوعية على حساب الأمن الإعلامي العربي والدفاع عن الهوية العربية، وذلك من خلال ممارساتها للتطبيع الإعلامي مع إسرائيل. وللقصة بقية.

كاتب سعودي متخصص في الإعلام السياسي