ماذا يعني الاحتفال بيوم المعلم

| محمد المحفوظ

كل عام وأنتم بخير أيّها المعلمون، كل عام بل كل يوم وأنتم تهبون عصارة أرواحكم وقلوبكم لأجيال الغد، مهمتكم قاربت رسالة الأنبياء قداسة ونبلاً، على أيديكم تعلّمنا معنى العطاء والبذل والاحتراق لأجل الآخرين، أنتم من علمتمونا أنّ الحياة ليست أخذا فحسب، لكنها عطاء بلا حدود، والتسامي للوصول إلى أعلى الرتب وأرفعها. كانت من أمنياتنا أن يطل يوم المعلم وقد تحققت للمعلمين آمالهم وهي بالمناسبة ليست مستحيلة كما قد يخطر بأذهان البعض، لكنّ المؤسف أنها بقيت عالقة حتى اللحظة، وربما حتى إشعار آخر. مر يوم المعلم باهتا، ذلك أنّ المنتسبين للحقل التربوي يخالجهم شعور بالغبن والأسى لأنّ مطالبهم لم يقدّر لها أن تتحول إلى واقع كما كانوا يحلمون. لا يجب اختزال يوم المعلم بالكلمات التي تشيد بعطاء هذا الإنسان ما لم تقدر تضحياته التي تصعب الإحاطة بها أو حصرها في إطار واحد هو التعليم. إنّ المعلمين الوحيدون الذّين يؤدون رسالتهم دون أخذ قسط من الراحة كالآخرين، لقد آن الأوان لأن ينظر إلى المعلم لا كمنفذ للبرامج التي لم يشارك في وضعها، وهذا للأسف ما هو سائد اليوم، والتفكير بجدية لمنحهم حقوقهم كما يليق بحجم ما يبذلون وما يحملون من أمانة عظيمة ناءت بحملها الجبال، ونقولها بأسف بالغ إنّ جلّ تضحياتهم لا “تطرب” أحدا وإلا ما بقيت أوضاعهم لا تبرح مكانها. أنا واحد بين آلاف ممن يدينون لهؤلاء الرجال الأفذاذ بما قدّموا طوال عقود من جهود، ومن هنا فإنّ لدّي شعورا بأنّ الاحتفالات بيوم المعلم ناقصة ولا تحمل لهم ما يشعرهم بأهميتهم، واليوم الذّي أريد فيه تكريم المعلّم سيمر كغيره من الأيام، وأتصور أنه سيدير ظهره للمعلمين والمعلمات، ومهما كان الإبداع في سبك الكلمات للإشادة بعطائهم فلا أعتقد أنها ستلامس مشاعرهم وأحاسيسهم. المعلمون وهبوا لمهنتهم شغاف قلوبهم وشبابهم ووقتهم وأعصابهم، فهل تكون مكافأتهم التجاهل والنسيان؟ إنّ المعلّم ليس موظفا كبقية الموظفين ينجز مهمته من الساعة السابعة صباحاً وحتى الثانية ظهرا، إنما هو مسكون بهموم المهنة طوال وقته، لذا فإنه يبقى مزروعا داخل فكرنا وحياتنا كواحد من الرجال الاستثنائيين. * كاتب وتربوي بحريني