الذكاء الاصطناعي وموت الإنسان

| د. بثينة خليفة قاسم

في الماضي القريب كانت فكرة سيطرة الآلة على الإنسان والتحكم فيه تأتي ضمن روايات الخيال العلمي أو الروايات الأدبية، لكن في هذه الأيام أصبح الأمر حقيقة، وها هي الآلة تتأهب لإزاحة الإنسان تماما عن ملايين الوظائف والمهمات التي لم يتوقعها الخيال العلمي نفسه. وها هي المذيعة الإلكترونية الهندية تظهر على الشاشة قبل أيام قليلة وتتحدث مع ضيوفها بثلاث لغات، بل وتقدم نفسها لرئيس الوزراء الهندي بشكل مبهر جدا ومخيف في نفس الوقت.. وأنا استخدم كلمة مخيف هنا بسبب التهديد الذي تشكله المذيعة سانا وأخواتها على المذيعين من بني البشر، وقس على ذلك وظائف أخرى كثيرة، فقد جاء في تقرير لبنك غولد مان ساكس أن مثل هذه التطبيقات التي تشمل سانا وأخواتها ستحل محل ٣٠٠ مليون وظيفة، فماذا بقي إذا من وظائف بني البشر، خصوصا أن استثمارات العالم في مجال الذكاء الاصطناعي بلغت ٧٧ مليارا في العام ٢٠٢٢. الذكاء الاصطناعي هو قدرة الآلة على القيام بما يقوم به الإنسان من إدراك وتعلم وحل للمشكلات وتفكير تحليلي وغيرها من عمليات امتدت لتجد مكانها في التعليم والطب والفن والأدب، وهنا تأتي الخطورة الكبيرة التي لم يحسب لها الإنسان أي حساب. وقد تعاظمت مخاطر الذكاء الاصطناعي مع مولد التطبيق المسمى “جي بي تشات” بالذات، والمخاطر التي يشكلها هو وغيره على الأمن القومي للدول، ففي استطلاع رأي أجراه باحثون أميركيون شارك فيه باحثون معينون، قال ٧٣ في المئة من هؤلاء إنهم يتوقعون أن يقود الذكاء الاصطناعي إلى تغيير اجتماعي ثوري، بينما توقع ٣٦ بالمئة أنه قد يتسبب في كارثة من العيار النووي بسبب حجم المعلومات التي سيتم مشاركتها معه. الخوف الأكبر إذا أن مشاركة ذلك الكم الهائل من المعلومات على الذكاء الاصطناعي قد تؤدي في رأي الباحثين المتخصصين إلى فقدان السيطرة عليه ليشكل ضررا بقدر ما سيشكل من منفعة. * كاتبة وأكاديمية بحرينية