ما وراء الحقيقة

ماذا يجري بالسودان؟ (1)

| د. طارق آل شيخان الشمري

مشكلة ما تسمى بـ “الثورات العربية” ومنها مؤامرة الربيع العربي، أن من ينفذ ويدير هذه الثورات بحجة الإصلاح والعدالة والديمقراطية، هم أنفسهم فاسدون، بل وعملاء وناهبو قوت الشعب الذي يدعون أنهم يدافعون عنه. فما إن يسقط دكتاتور أو نظام عربي يوصف بأنه دكتاتوري حتى تأتي ثلة من الفاسدين والعملاء من عبدة الخمينية وعبدة العثمانيين وعبدة بني لبرال ليقوموا بالقضاء على ما تبقى من البلد والشعب، ثم تتوالى صيحات الثورة ضد هؤلاء من قبل كوكبة جديدة ممن يسمون أنفسهم بالثوار والإصلاحيين، حتى يقوموا بمهاجمة ما يقوم به أسلافهم وهكذا تتكرر العملية، ولننظر بتمعن لحال العالم العربي طوال العقود الماضية لنتأكد من ذلك. السودان ليس استثناء من هذه المعادلة الأبدية لمفهوم الثورات، فعندما سقط الدكتاتور الجنرال البشير، اعتقد السودانيون أن ثورتهم ثورة راقية لا تشبه فساد الثورات العربية ومن قام بها، إلا أن السودانيين أدركوا الآن أن ما ينطبق على مؤامرة الثورات العربية ينطبق أيضا على الثورة التي أسقطوا فيها الدكتاتور الجنرال البشير، فمثلا حينما قام الشعب السوداني بالثورة ضد البشير اختطف هذه الثورة حدثاء السن ومجموعة من المراهقين دخلوا معترك السياسة عندما سقط الجنرال، وما بين ليلة وضحاها نصبوا أنفسهم قادة لهذه الثورة، والهدف طبعا كعكة السودان عند الوصول للسلطة وبيعها لمن يدفع أكثر، كما فعل المالكي والجلبي وحزب الدعوة والحوثي ونصر الله والسراج والجيش الحر والمعارضة السورية، باستثناء حزب الأمة القومي الموجود منذ عقود مضت. وللتدليل على ذلك وحتى لا نلقي التهم بدون دليل، رأينا كيف انقسم هؤلاء فيما يسمى بالمكون السياسي إلى فرق مشتتة تتقاذف تهم الخيانة، ورأينا كيف أنهم قاموا بإلغاء المكونات السياسية الأخرى كالحركات المسلحة حتى تستفرد كوكبة المراهقين سياسيا بالكعكة، ورأينا أيضا كيف أن شرق السودان انتفض على هؤلاء لأنهم أرادوا الاستفراد بالسودان لوحدهم في سيناريو مطابق لما قام به الجنرال وأعوانه بحق السودان عندما قام بثورته المزعومة ووصل للسلطة.. وللقصة بقية. * كاتب سعودي