ياسمينيات

أطباء قساة

| ياسمين خلف

كان‭ ‬فرحتها‭ ‬الأولى‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬فقدت‭ ‬جنينها‭ ‬الأول‭... ‬وكانت‭ ‬للحين‭ ‬على‭ ‬فراشها‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬بعد‭ ‬مخاض‭ ‬الولادة‭ ‬الطويل‭... ‬وبدل‭ ‬ما‭ ‬يطمئنها‭ ‬الطبيب‭ ‬ويرفع‭ ‬من‭ ‬معنوياتها،‭ ‬صدمها‭ ‬وبلا‭ ‬رحمة‭ ‬بـ‭ ‬“شكوكه”‭ ‬بإصابة‭ ‬رضيعها‭ ‬بمشاكل‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬أو‭ ‬الكبد‭ ‬أو‭ ‬الكلى‭...  ‬

انهارت‭ ‬ودخلت‭ ‬في‭ ‬نوبة‭ ‬بكاء‭ ‬طويلة‭ ‬وهي‭ ‬توها‭ ‬طالعه‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬ولادة‭ ‬أولى‭ ‬بعد‭ ‬رحلة‭ ‬حمل‭ ‬صعبة‭.‬

الطبيب‭ ‬ملاك‭ ‬للرحمة‭... ‬وهذا‭ ‬اللي‭ ‬انرسم‭ ‬في‭ ‬مخيلتنا‭ ‬من‭ ‬صغرنا‭...‬إلا‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬للأسف‭ ‬تجمدت‭ ‬مشاعرهم‭... ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية

‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬عليهم‭ ‬بطبيعة‭ ‬عملهم‭... ‬وهو‭ ‬بعد‭ ‬مو‭ ‬عذر‭ ‬طبعاً‭.... ‬وإذا‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬نسى‭ ‬نذكرهم‭ .... ‬بأن‭ ‬دورهم‭ ‬النفسي‭ ‬ما‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬دورهم‭ ‬العلاجي‭... ‬وأن‭ ‬المرضى‭ ‬يتعلقون‭ ‬بأحبال‭ ‬الأمل‭ ‬بكلمة‭ ‬من‭ ‬طبيب‭ ‬ينفي‭ ‬لهم‭ ‬شكوكهم‭...‬

ما‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يبث‭ ‬إليهم‭ ‬شكوكه‭ ‬ويُدخلهم‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والخوف‭ ‬اللي‭ ‬يمكن‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬حياتهم‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬نفسه‭. ‬

ها‭ ‬الأم‭ ‬وصفت‭ ‬ردة‭ ‬فعلها‭ ‬يوم‭ ‬خبرها‭ ‬هالطبيب‭ ‬عن‭ ‬شكوكه‭... ‬وقالت‭: ‬“‭ ‬حسيت‭ ‬لثواني‭ ‬توقف‭ ‬قلبي‭ ‬عن‭ ‬النبض‭... ‬وجتني‭ ‬ضربة‭ ‬جنها‭ ‬ضربة‭ ‬خنجر‭ ‬في‭ ‬قلبي‭...‬

مبدأ‭ ‬الشفافية‭ ‬بين‭ ‬المريض‭ ‬والطبيب‭ ‬له‭ ‬أخلاقيات‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬الطبيب‭... ‬ومو‭ ‬بالأمر‭ ‬العشوائي‭ ‬اللي‭ ‬قد‭ ‬يتسبّب‭ ‬في‭ ‬هلاك‭ ‬المرضى‭ ‬نفسياً‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬جسمانيًا‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬الطبيب‭ ‬أن‭ ‬يتأكد‭ ‬من‭ ‬شكوكه‭ ‬قبل‭... ‬يجري‭ ‬الفحوصات‭ ‬الدقيقة‭ ‬على‭ ‬الطفل‭... ‬عشان‭ ‬يتيقن‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬إصابته‭ ‬بهالمشاكل‭ ‬الصحيّة‭ ‬من‭ ‬عدمه،‭ ‬قبل‭ ‬لا‭ ‬يفاجئ‭ ‬الأم‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر‭ ‬الجلل‭.  ‬

أو‭ ‬يخبر‭ ‬زوجها‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬المقرّبين‭ ‬اليها‭... ‬وهم‭ ‬يعرفون‭ ‬شلون‭ ‬يوصلون‭ ‬لها‭ ‬الخبر‭ ‬وبأي‭ ‬أسلوب‭ ‬وبأي‭ ‬كلمات‭ ... ‬مو‭ ‬يفجعها‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬سريرها‭ ‬الأبيض،‭ ‬وما‭ ‬مداها‭ ‬تفرح‭ ‬بعد‭ ‬برضيعها‭.‬

فقليل‭ ‬من‭ ‬الرحمة،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬التعقل‭ ‬يا‭ ‬أطباءنا‭ .... ‬رحمة‭ ‬بالمرضى‭.‬

 

ياسمينة‭:‬

 

‭ ‬الطب‭ ‬مهنة‭ ‬إنسانية،‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬الرحمة‭ ‬فليتركها‭.‬