ستة على ستة

العلاقات السعودية الإيرانية والقيادة الحقيقية

| عطا السيد الشعراوي

في خطوة مهمة جلبت اتفاقًا نادرًا مرحبًا به على نطاق واسع في العالم على اختلاف التوجهات، أعلنت كل من السعودية وإيران في 10 مارس 2023 التوصل إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران (بعد قطع في العلاقات الدبلوماسية منذ عام 2016)، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001، وكذلك اتفاقية اقتصادية موقعة عام 1998، مع التأكيد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهي النقطة المحورية التي طالما شددت عليها الكثير من البيانات الصادرة عن الاجتماعات العربية والإسلامية المعنية بأحوال المنطقة والراغبة في إصلاح أحوالها، ما يعني أن هذا الاتفاق جاء شاملاً لأوجه العلاقات وليس مقتصرًا على الجانب الدبلوماسي أو السياسي فقط، ما يؤهله لأن يكون مغيرًا للمشهد الإقليمي ومؤثرًا بشدة في حاضر ومستقبل قضايا المنطقة في ظل الدور المحوري الذي تقوم به السعودية.

هذا الاستئناف للعلاقات السعودية الإيرانية لم يكن مفاجئًا، بل كان نتاج جولات عديدة من الحوار الثنائي، والتي انعقدت في العراق وسلطنة عمان وتخللتها على مدار نحو عامين الكثير من القضايا، ما يعكس رغبة حقيقية في تسوية هذه القضايا تسوية جذرية وبدء مرحلة جديدة نافعة للبلدين والمنطقة، كما جاءت الخطوة بعد إنهاك المجتمع الدولي بأسره جراء جائحة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على العالم، وما يدور من حديث عن إمكانية نشوء نظام عالمي جديد والأقرب أن يكون متعدد الأقطاب، وهو ما يؤكده الدور والوساطة الصينية في الاتفاق السعودي الإيراني الأخير الذي يبرهن أيضًا قوة العلاقات الدولية للمملكة العربية السعودية ونجاح استثمارها في تحقيق مصالحها، وبما ينعكس إيجابا على المنطقة.

الاتفاق السعودي الإيراني يمثل اختراقًا كبيرًا لقضايا استعصت لسنوات على الحل، ولأزمات اندلعت ومشكلات تعقدت في دول عدة بالمنطقة، وسيسهم في معالجتها المعالجة المرجوة للجميع وبدء مرحلة جديدة في العلاقات الإقليمية.

* كاتب مصري