ياسمينيات

مركز عالية آخر

| ياسمين خلف

ليس‭ ‬من‭ ‬المقبول‭ ‬أبداً،‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬أطفال‭ ‬اضطراب‭ ‬التوحد‭ ‬بلا‭ ‬تأهيل‭ ‬ولا‭ ‬تعليم‭! ‬يتقدم‭ ‬بهم‭ ‬العمر‭ ‬وهم‭ ‬يفتقدون‭ ‬أبسط‭ ‬مهارات‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭.. ‬فهم‭ ‬كأقرانهم،‭ ‬وكأي‭ ‬مواطن‭ ‬آخر‭ ‬لهم‭ ‬حقوق‭. ‬أبسطها‭ ‬وأهمها‭ ‬أن‭ ‬يحصلوا‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬والاهتمام،‭ ‬والتعليم‭ ‬الذي‭ ‬يتناسب‭ ‬معهم‭.‬

هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المجتمع،‭ ‬المتزايدة‭ ‬في‭ ‬التوسع‭ ‬سنوياً‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬يومياً‭ - ‬مع‭ ‬اكتشاف‭ ‬حالات‭ ‬بشكل‭ ‬دوري‭ ‬مثير‭ ‬للقلق‭ ‬والاهتمام‭ - ‬لها‭ ‬حقوق،‭ ‬فأهالي‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬لا‭ ‬نبالغ‭ ‬إن‭ ‬قلنا‭ ‬إنهم‭ ‬يواجهون‭ ‬امتحانًا‭ ‬يوميًا‭ ‬صعبًا‭ ‬وقاسيًا،‭ ‬وهم‭ ‬يتعاملون‭ ‬مع‭ ‬أبنائهم‭ ‬المتوحدين،‭ ‬الذين‭ ‬للأسف‭ ‬يتعرضون‭ ‬لظلم‭ ‬وبخس‭ ‬في‭ ‬حقوقهم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمجتمعية،‭ ‬فلا‭ ‬مراكز‭ ‬تأهيل‭ ‬تخاف‭ ‬الله‭ ‬فيهم،‭ ‬لغلبة‭ ‬الربحية‭ ‬على‭ ‬أهدافها‭ ‬التربوية‭ ‬والتأهيلية،‭ ‬ولا‭ ‬مدرسة‭ ‬حكومية‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تحتضنهم‭!‬

مركز‭ ‬عالية‭ ‬للتدخل‭ ‬المبكر،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬المركز‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬نفخر‭ ‬بأنه‭ ‬يحتضن‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬من‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويقدم‭ ‬لهم‭ ‬الرعاية‭ ‬والاهتمام‭ ‬والتعليم‭ ‬الذي‭ ‬يستحقونه،‭ ‬والذي‭ ‬يسعى‭ ‬أهالي‭ ‬الأطفال‭ ‬المتوحدين‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬لأبنائهم‭ ‬فيه،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وللأسف‭ ‬ومنذ‭ ‬سنوات‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬احتضان‭ ‬جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬المتوحدين‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬فقائمة‭ ‬الانتظار‭ ‬تربو‭ ‬على‭ ‬800‭ ‬حالة،‭ ‬وأجزم‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬مع‭ ‬اكتشاف‭ ‬حالات‭ ‬جديدة‭ ‬تضاف‭ ‬يومياً‭ ‬لهذه‭ ‬القائمة‭. ‬فكم‭ ‬من‭ ‬المؤلم‭ ‬وأنت‭ ‬ترى‭ ‬أما‭ ‬تبكي‭ ‬حرقة‭ ‬وهي‭ ‬تقول‭: ‬“خمس‭ ‬سنوات‭ ‬وأنا‭ ‬أنتظر‭ ‬مقعداً‭ ‬ولا‭ ‬أمل،‭ ‬والمراكز‭ ‬التأهيلية‭ ‬الأخرى‭ ‬تستغلنا”‭.‬

نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬مماثل‭ ‬لمركز‭ ‬عالية،‭ ‬يستنسخ‭ ‬تجربته‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬تأهيل‭ ‬المتوحدين،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حكومياً،‭ ‬مركزًا‭ ‬أو‭ ‬مدرسة‭ ‬لا‭ ‬يهم،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تحت‭ ‬إدارة‭ ‬وتنظيم‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم،‭ ‬يقدم‭ ‬خدماته‭ ‬مجانًا‭ ‬للبحرينيين‭ ‬من‭ ‬المتوحدين،‭ ‬يضم‭ ‬كفاءات‭ ‬تربوية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الفئات‭ ‬الخاصة،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬يتخبط‭ ‬أهالي‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬تجاري‭ ‬لآخر‭ ‬يدعي‭ ‬أنه‭ ‬يقدم‭ ‬الخدمات‭ ‬التأهيلية‭ ‬والتربوية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الأطفال،‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬يستنزفون‭ ‬ميزانيات‭ ‬أهاليهم‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬سوى‭ ‬الاقتراض‭ ‬والاستدانة‭ ‬أو‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬جمعيات،‭ ‬لتوفير‭ ‬رسوم‭ ‬تلك‭ ‬المراكز‭ ‬الربحية‭. ‬

ياسمينة‭: ‬لنحترم‭ ‬اختلاف‭ ‬بعض‭ ‬البشر‭ ‬عنا‭.‬

‭*‬كاتبة‭ ‬بحرينية