سوالف

عفوا... أعرفك ولكن لا أتذكر اسمك

| أسامة الماجد

من الشائع في حياتنا أن نلتقي بأحد ما في أية مناسبة ولكن الذاكرة تخوننا في تذكر اسمه أو أين التقينا به أول مرة، وهذا الأمر قد يسبب إحراجا في بعض الأحيان، وربما يطلق على هذه الحالة التي أجزم بأن الجميع مر بها بمرض التعرف. يروى أن الشاعر روجز عندما بلغ التسعين من العمر كان يتنزه في عربة مع سيدة سألته عن سيدة أخرى لم يستطع أن يتذكرها، فأوقف العربة ونادى على الخادم وقال له.. هل أعرف السيدة “فلانة”؟ فأجاب الخادم بالإيجاب، ومرت عليهما لحظة مؤلمة، ثم أخذ يدها بين يديه وقال لها.. لا تقلقي يا عزيزتي، لم أصل بعد إلى الحد الذي أوقف فيه العربة لأسأل هل أعرفك أو لا. وعندما نحس بالعجز عن التعرف، كأن نقابل شخصا وننسى وجهه أو اسمه، نعود بالذاكرة إلى الوراء نفتش أين رأيناه أول مرة، فنحدد مكانه وزمانه ونربط بينه وبين غيره ممن نعرف، وفي ذلك يقول وليم جيمس “كلما برزت لنا تجربة مجردة عن موضعها في الزمان يصعب علينا ألا نعتقد أنها من اختراع الخيال، لكنها تصبح قطعة من الذاكرة وتتحدد الذكرى شيئا فشيئا كلما أحاطت بها روابطها الماضية، وكلما أصبحت هذه الروابط أكثر تميزا”. دخلت يوما عند أحد الأصدقاء ورأيت صورة زيتية معلقة على حائط غرفته، فأحسست أول الأمر إحساسا غريبا، لاريب أنني رأيت هذه الصورة من قبل في مكان آخر، لكن أين؟ وكيف؟ ومتى؟ لم أستطع قولا، وظل هذا الإحساس بأنني رأيتها من قبل يطوف بالصورة إلى أن صحت فجأة.. لقد وجدتها.. إنها نسخة من رسم أنجليكو بأكاديمية فلورنسا.. نعم رأيتها هناك، لقد وجب أن أحيي في ذهني خيال أكاديمية فلورنسا كي أتحقق من صدق ذكرى هذه الصورة”.  فهذه هي الطريقة لتدارك نسيان التعرف، أن تسعى لوصل ما تراه بما يسبق أن رأيته من قبل، ومع ذلك فنحن لسنا معصومين عن الوقوع في فخ مرض التعرف. * كاتب بحريني