قصص متشابهة

| نوح الجيده

يكون الناس في تعاملهم مع أحداث الليل والنهار إما جزءٌ منها أو بعيدٌ عنها أو متفرّج عليها، وإن من حسن حظ الأخير لو وُفّق إلى التأمل حتى يكتشف أن كثيرًا من قصص الناس تتشابه إما في الحدث نفسه، أو الشعور المصاحب له، أو الدرس المستفاد منه.

فأنت مثلًا تستطيع تذكر حدثٍ ما سمعته في محادثة عابرة، وكنت مندهشًا به كيف أنك مررت بمثله تمامًا، مع تفاصيل شبيهة بالتي اعترضت طريقك، وكأن أحدهم هذا يروي قصتك كاملة دون أن يعيش شيئًا من لحظاتها.

أو ربما تكون القصة التي يحكيها لك صديقٌ مقرّبٌ بحماسة منقطعة النظير، تستطيع معرفة الشعور الذي كان ينتابه في اللحظة التي أصابه ما أصابه، أنت تعرف ذلك لأن شعورًا مثله صاحبك يومًا ما في حدث مختلفٍ تمامًا لا صلة له بما قاله لك صديقك هذا.

أو قد يمرّ عليك سطرٌ في كتاب يروي أحداث أزمنةٍ غابرةٍ يدلّك فيها روايها على ما يريد لك أن تستوعب صراحةً، كأن يسرد قصة ما ثم يورد تعليقه الخاص الذي يستنبط به الحكمة والفائدة، هذه الحكمة التي قد تتشابه مع ما توصلت إليه أنت عن طريق حدثٍ آخر. 

هذه المتشابهات في تعاطينا مع الأحداث تجعلنا نعيش قصص الآخرين من خلال قصصنا الخاصة، كأن تدور دائرة التاريخ وترى نفسك في موقف يشبه موقف يوسف مع إخوته مثلًا، أو أن تعيش شيئًا من شعور عام الحزن دون أن تفقد أحدًا، أو أن تتجنب كثيرًا من مصائب الدهر لأنك عرفت الدرس أخيرًا: قصصنا متشابهة منذ بدء الخليقة إلى يوم الناس هذا.