ستة على ستة

كشري التحرير واندفاع الجماهير

| عطا السيد الشعراوي

هي حادثة تقع كثيرًا في سياقات مختلفة ومتنوعة، وتحمل معها مخاطر وسلبيات عديدة، وتعرض حياة أشخاص ومؤسسات للخطر، وتجعلهم هدفًا لهجوم وغضب الجمهور نتيجة عدم فهمه الواقعة بكل أبعادها والتسرع في إطلاق الأحكام، وسوء استغلال البعض مواقع التواصل الاجتماعي في ظل تأثيرها النافذ والمتسع، ليكون محلا لتعاطف الناس والتكسب من هذا التعاطف بطريقة أو بأخرى. مؤخرًا ثارت قضية معروفة إعلاميًا بـ “عامل النظافة”، تقول روايتها الأولى التي صدقها الجمهور بحسن نية وتعامل على أساسها إن أحد محلات الكشري قام بطرد “عامل نظافة”، ولم يسمح له بتناول طعامه داخل المحل بسبب ملابسه، فتعرض هذا المحل لوابل من الانتقادات وظهرت الدعوات المطالبة بمقاطعته ردًا على سوء تصرفه وفعلته المهينة تجاه عامل النظافة، وتسابق البعض على مصالحة هذا العامل وترضيته إنسانيًا ومعنويًا ومساعدته معيشيًا نكاية في محل الكشري والقائمين عليه. رويدًا رويدًا بدأت تتكشف المزيد من الحقائق عن الحادثة وملابساتها، ومنها أن هذا الشاب الذي ارتدى زي عامل النظافة احتال لإخراج مشهد يثير التعاطف معه، فقد طلب الكشري “تيك أوي” وتمت تلبية طلبه، إلا أنه دخل المحل وجلس لتناوله بالداخل، فتم الحديث معه من قبل عاملين بالمحل لكنه لم ينصع للنظام المعمول به. إلى هنا، قد نتفق أم نختلف مع المحل في تصرفه إزاء هذا الشخص ومدى مخالفته أو عدم التزامه بطلبه وإن كان رد الفعل مناسبًا للفعل أم لا، إلا أن ما حدث بعد ذلك كان الأغرب، إذ وفقًا لروايات البعض، فإن هذا الشخص الذي يزعم أنه عامل نظافة وأثار استعطاف الجمهور ليس عامل نظافة، وأنه معتاد على إخراج مثل هذه المشاهد التمثيلية ولديه مدير أعمال ينظم له ويحدد ما يأخذه من أجر نظير ما يجريه من لقاءات ومكالمات صحافية وتلفزيونية، مستغلاً جري وهوس الإعلاميين بالسبق وإرضاء الجمهور حتى لو كان على حساب الحقائق في كثير من الأحيان.  هنا تحول رأي الناس من المطالبة بمقاطعة محل الكشري إلى المطالبة بمحاكمة هذا العامل.