ما وراء الحقيقة

تدمير الأحزاب الأمة العربية

| د. طارق آل شيخان الشمري

من‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬واستعمار‭ ‬وتدمير‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.. ‬الأحزاب‭ ‬العربية‭ ‬بكل‭ ‬أشكالها‭ ‬وتصنيفاتها،‭ ‬من‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬دينية‭ ‬أو‭ ‬ليبرالية‭ ‬أو‭ ‬يسارية‭.. ‬إلخ،‭ ‬فبنظرة‭ ‬بسيطة‭ ‬إلى‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬العربي‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يعانيه‭ ‬العراق‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬بسبب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬البعث‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬سهل‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭ ‬غزو‭ ‬العراق،‭ ‬ثم‭ ‬الأحزاب‭ ‬العراقية‭ ‬الموالية‭ ‬لإيران‭ ‬وما‭ ‬فعلته‭ ‬بالعراق‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬وبنظرة‭ ‬أخرى‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬القذافي‭ ‬ثم‭ ‬الأحزاب‭ ‬الموالية‭ ‬لتركيا‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬القذافي‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬لما‭ ‬يعانيه‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬الليبي‭ ‬من‭ ‬دمار،‭ ‬وبنظرة‭ ‬ثالثة‭ ‬نرى‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬علي‭ ‬عبدالله‭ ‬صالح‭ ‬ثم‭ ‬حزب‭ ‬الحوثي‭ ‬وبقية‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليمنية،‭ ‬السبب‭ ‬الأوحد‭ ‬فيما‭ ‬يعانيه‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬اليمني،‭ ‬وبنظرة‭ ‬رابعة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬تحالف‭ ‬حزب‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬المخلوع‭ ‬عمر‭ ‬البشير،‭ ‬والأحزاب‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬تتصارع‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬السودان‭ ‬للدول‭ ‬الكبرى،‭ ‬نرى‭ ‬أنها‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يعانيه‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬السوداني‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الدمار‭ ‬والفقر‭.‬

إذا‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نلوم‭ ‬واشنطن‭ ‬ولندن‭ ‬والغرب،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬بالأصابع‭ ‬إلى‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬اليه‭ ‬الآن،‭ ‬أي‭ ‬الأحزاب‭ ‬العربية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المجتمعي‭ ‬العربي‭ ‬بدأ‭ ‬بالانتباه‭ ‬إلى‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬تشكله‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬العربية‭ ‬ضد‭ ‬المجتمع‭ ‬والأمن‭ ‬العربي،‭ ‬ولعل‭ ‬أول‭ ‬ثورة‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬العربية‭ ‬كانت‭ ‬ثورة‭ ‬30‭ ‬يونيو،‭ ‬والتي‭ ‬ثار‭ ‬فيها‭ ‬شعب‭ ‬مصر‭ ‬ضد‭ ‬حزب‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬ومخططه‭ ‬بتسليم‭ ‬مصر‭ ‬لحزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬التركي،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬ضربة‭ ‬قاضية‭ ‬ضد‭ ‬حزب‭ ‬الإخوان‭ ‬وبقية‭ ‬الأحزاب‭ ‬الطفيلية‭.‬

ثم‭ ‬جاءت‭ ‬الضربة‭ ‬الأخرى‭ ‬حينما‭ ‬ثار‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬التونسي‭ ‬ضد‭ ‬حزب‭ ‬الإخوان‭ ‬وبقية‭ ‬الأحزاب‭ ‬المتحالفة‭ ‬معه،‭ ‬وأزالهم‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬رجعة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬التظاهر‭ ‬بأنهم‭ ‬مازالوا‭ ‬أقوياء،‭ ‬أيضا‭ ‬جاءت‭ ‬الضربة‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬المغربي‭ ‬الذي‭ ‬مسح‭ ‬بكرامة‭ ‬كل‭ ‬أعضاء‭ ‬حزب‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬وأزالهم‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬المغربي،‭ ‬لهذا‭ ‬على‭ ‬أصدقائنا‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬يدركوا‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬استخدامهم‭ ‬الأحزاب‭ ‬العربية‭ ‬ودعمها‭ ‬سيكلفهم‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭ ‬من‭ ‬متانة‭ ‬علاقاتنا‭ ‬معهم‭.‬