“بوسطن” الخليج

| د. عبدالله الحواج

يبدو أننا أمام مرحلة كنا ننشدها ونتشدق بها، كنا نحلم بأن تكون لدينا منظومة علمية تحقق لنا الأهداف، وتصعد بنا إلى منصات التفوق، تمنينا أن تصبح البحرين “بوسطن” الخليج؛ لأنها بالفعل تمتلك المقومات والقوة البشرية والطموح، كونها تنعم بإرادة قوية، وتتمتع بمنظومة أكاديمية وتعليمية، وتفهم أن الصعود إلى القمم أسهل من البقاء عليها، وأن التنوير هو القمة الخالدة، وأن الإشعاع هو الامتداد الذي ينبع من الماضي بقوة التاريخ ليتجه نحو المستقبل بالقدرة على المواكبة ومحاكاة أصول الحداثة والمعاصرة. وأخيرًا وبعد أن اكتملت منظومة التعليم العالي، بتجديد الدماء، بتتويج الإنجازات، وبالإضافة على ما فات بل وتطوير مخرجاته، وتطريز منجزاته، آن الأوان لنا أن نحلم، أن نجدد الأمل في أن نرتقي بعلومنا، وفنوننا وآدابنا، وحان الوقت لكي نطمح فيما هو أكثر، أن نصبح ذلك الموقع الطليعي الطبيعي الذي يتمدد فيصل الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب، تمامًا مثلما هو كذلك في القطاعين المالي والمصرفي، وتمامًا مثلما هو الحال عندما نشأ هذا النشاط كبيرًا، وترعرع مدركًا أن بالبحرين إمكانات وتشريعات، وأن بها طموحات وخطط واستراتيجيات، وأن في حوزتها آفاقا وآمالا والعديد من المجالات والمقومات. نجحنا مصرفيًا، وسوف ننجح بعون الله تنويريًا، قطعنا أشواطًا طويلة على طريق الألف ميل، وأصبحنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الأهداف المرئية، والتماس مع الخطوط التي كانت حمراء في الماضي لتصبح مفتوحة على مصراعيها أمام طموحاتنا وآمالنا. مؤخرًا تم تأسيس مجلس تعليم عالٍ بدماء شابة وقيادة لها باع في إدارة المؤسسات وحوكمة المسئوليات، وصيانة ما تحقق على طريق التتويج بالألقاب والتزكيات. أمانة “التعليم العالي” ومجلس أمنائه، وكافة المسئولين ذات العلاقة نجحوا في تحقيق ذلك التناغم بين طموحات الجامعات، ورؤى الجهات الإشرافية، وتفهموا من خلال التواصل المحترم المستدام أن للجامعات قدرة على إدارة شئونها بنفسها خاصة بعد فصل”التعليم العالي” عن وزارة التربية، وبصفة أكثر خصوصية بعد أن تبين بأن على الجامعات مسئولية التشغيل وعلى مجلس التعليم العالي الرقابة والإشراف، ووضع اللوائح بالاسترشاد مع الجامعات الخاصة التي تبذل الغالي والنفيس من أجل أن تحقق طموحات القيادة فيها وآمال المنظومة بمن فيهم طالبو العلم، وكل ما يتطلعون إليه من غد أفضل وأيام أجمل. نحن أمام عام دراسي جديد سوف يشهد العديد من البرامج الجديدة والكثير من الآمال التي تتحقق، والآليات التي يمكن أن تتطور. الجامعة الأهلية بمنظومتها الأكاديمة والإدارية حققت جميع المتطلبات التي مكنتها منذ فترة ليست بالجيزة، فحصلت على الاعتمادية الأكاديمية بكل كفاءة واقتدار، تمامًا مثلما بلغت المرتبة 651 عالميًا في آخر تشصنيف دولي لمؤسسة “كيو إس” العالمية وذلك بعد 21 سنة فقط من التأسيس لتسبق العديد من الجامعات العريقة، والكثير من المعاهد العالمية المُجيدة. ومما يثلج الصدر وتطمئن له النفس أن هذه المرتبة المتقدمة تحققت بعد أن نجحنا في جميع معايير الجودة مؤسسيًا وبرامجيًا وبعد أن أصبحنا في مقدمة الجامعات بمنطقة الشرق الأوسط التي تحظى بأعلى التزكيات والتقديرات من “التايمز” والأمم المتحدة، والـ” كيو إس” وغيرها، هو ما يجعلنا نفخر بأننا على مقربة من تحقيق آمال البحرين المنشودة فينا وأحلام أبنائنا في جامعتهم، لتصبح بعون الله وحفظه وقبل قدوم 2030 من أفضل 500 جامعة في العالم، والله الموفق والمستعان.