مناصب عليا

| خليل القاهري

منذ سنوات قليلة اتخذت قرارا مصيريا في سير حياتي وهو تهذيب طريقة تفكيري، لكي تكون إيجابية أكثر وبناءة أكثر، والبحث عن الفرص في كل تحدي، وعن الجانب المشرق في كل شيء، والتوقف نهائيا عن “التحلطم”، وأن أختار لنفسي أفضل مركبة في قطار الزمن، بدل أن أحاول عرقلته أو إيقافه أو رميه بالحجارة. فعندما تعيش في بيئة لا تحارب السلبية، بل ربما تشجع عليها، فمن الطبيعي أن يتسلل الإحباط والفتور واليأس لعقلك وقلبك، وتبدأ الفرص بالتلاشي حتى لا تكاد تراها أمامك وهو ما يبعدك كل البعد عن أي نجاح من نصيبك. قرار تهذيب طريقة التفكير يستند على التفكير فقط في المشاكل التي من الممكن أن أساهم شخصيًا في حلها، فلن أشغل تفكيري في مشاكل الأمم المتحدة وقرارات البيت الأبيض أو مشاكل جوني ديب الشخصية، فما لا يمكنني التأثير عليه لا ينبغي أن يؤثر على عقلي ولا أن يشغل وقتا كبيرا من تفكيري. وفعلاً ابتدأت حصاد نتيجة هذا التغيير، حيث إن معظم وقتي اليوم هو وقت منتج حققت فيه الكثير من النجاحات وتعلمت الكثير من الفشل نتيجة محاولات غير ناجحة استفدت منها في زيادة مهاراتي وخبراتي. لكن في زحمة أشغالي كان لا بد أن أتوقف ولو قليلا عند التعديل الوزاري الجديد، خاصة عندما رأيت الوجوه الشابة في الوزارة، قرأت في ذلك رسالة واضحة مفادها أن الباب مفتوح أمام جميع الشباب البحريني الذي يثبت بالفعل قدرته على خدمة وطنه بكفاءة وإخلاص، وأن طريق ارتقاء المناصب واضح: العمل ثم العمل ثم العمل. ووصلت إلى نتيجة مفادها أنه ليس علينا الاستغراب بعد الآن من وجود وجوه شابة في المناصب العليا في مختلف مفاصل العمل الحكومي، بل ربما علينا أن نسأل أنفسنا: كيف يمكننا بذل المزيد من الجهد والتميز حتى نرتقي بأنفسنا، وأنا هنا لا أتحدث بالضرورة عن تعيينات حكومية، بل عن طريق مفتوح وممهد أمام رواد الأعمال أيضا من أجل الانتقال بأفكارهم وابتكاراتهم إلى أعلى سلم الإنجاز. لم يكن يشغلني في السابق اختيار الوزراء، فالعرف السائد هو توزير أصحاب الخبرة الطويلة ولم أجد نفسي مهتما في التفكير بالتشكيل الوزاري بقدر تفكيري في نتائج عمل الوزراء التي قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في حياتي الشخصية، أما هذه المرة فالكثير من الوزراء الشباب مقاربون لسني، لهذا بدأت أفكر جديًا ما المانع أن يطمح شاب في الثلاثينيات من أن يكون الوزير القادم؟ نقلة كبيرة تحدث في مملكة البحرين من تمكين الشباب، فلم تكن تسمية هذا العام بعام الشباب مجرد شعار للتسويق، ثقة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم وولي العهد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في توزير الشباب والفرص الاستثنائية غير المسبوقة، سواء في الرياضة أو الاقتصاد التي يقودها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة وسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، تفتح الباب على مصراعيه للشباب البحريني في البدء بتغيير طريقة تفكيرهم، فلا شيء مستحيل أمام الشباب لتحقيق أحلامهم متى ما استطاعوا استغلال وافر الفرصة الموجودة اليوم أفضل استغلال وتحقيق نتائج ملموسة تعزز هذه الثقة الموجودة اليوم فيهم للوصول إلى فرص أكبر وطموح أكبر ونتائج عظيمة. كلمة راس لم أكتب هذه الكلمات طمعًا في منصب، فموقعي كرائد أعمال وصانع محتوى بالنسبة لي هو حلمي الذي استطعت تحقيقه وأحلم في الوصول للقمة فيه، لكن هذا المقال هو لك كي تبدأ التغيير في الطريقة التي ترى فيها الأمور، لا تسمح للكلام السلبي ولا الإحباط أن يمنعك من رؤية الفرص وتحقيقها.