فجر جديد

ليتك يا “دانة” تظلين طفلة

| إبراهيم النهام

ما إن تراني ابنتي دانة “14 شهرا” حتى تترك كل من في البيت، وكل الألعاب، وبرامج التلفزيون الموسيقية وتأتي إلي، تحرك يدها بعنف وهي جالسة، وهي تنظر إلي بشغف، وكأنها تقول “احملني” وهذا ما تعنيه بالضبط. وبمجرد حملها واستنشاق رائحتها الجميلة، تتسلل راحة غريبة في أوصالي، مزيحة عني كل الأثقال والهموم والمسؤوليات، موجدة بي الاطمئنان والهدوء، ومن شخص لا تحمل مشاعره معي شائبة واحدة. ويوم أمس الأول تحديداً، وأنا أحملها وأتجول بها ليلا في الحي كما تحب ولدقائق معدودة، وبينما كانت تتأمل إنارة الشوارع، وإضاءات السيارات القادمة من بعيد، دخلت أنا بتفكير عميق، عن الكم الهائل من تحديات الحياة التي تنتظرها. فكرت حينها بها، وبمن هم في عمرها، كيف سيتأقلمون مع الحياة الجديدة، ومع الصعوبات الكثيرة اليوم، ومع عقليات مدمري الكفاءات، وشاطري المجتمع، و”المتمصلحين”، والظروف الجديدة التي نعيشها والتي لا ترحم ولا تذر، أساسها المصلحة الشخصية، والأنا. دانة، ومن هم في مثل عمرها، تنتظرهم شراك الحياة القاسية، وبواقع جديد ومُر، يتطلب أن يكون إدراك الطفل لطبيعة المجتمع وحاله ويومياته، جزءا من تربيته من البدايات، وأن لا نصور له أن الحياة وردية دائماً، وأن هناك صعوبات، ومطالب تدعو المرء للاعتماد على النفس وليس على غيره، وأن يثبت على الدين والقيم والمبادئ، ويتجنب هدر الوقت فيما لا طائل منه. تأملت دانة مساء ليلة وهي نائمة بهدوء في سريرها الأبيض، وقلت في نفسي لا شعورياً “ليتك يا دانة تظلين طفلة”.