الخصخصة في أربعة عقود (1)

| د. حسين المهدي

في الأسبوع الماضي قدمنا ورقة وورشة عمل حول تجربة مملكة البحرين في الخصخصة كمدخل للإصلاح الاقتصادي في (41) عاماً، بمؤتمر خليجي شاركت فيه بعض دول مجلس التعاون بتجاربها، وعرضنا تجربتنا مع الأسباب التي تدعو الدول عموماً إلى التفكير بحلول للسيطرة على موازنتها المالية، بأقل مخاطر اقتصادية واجتماعية وغيرها، والبحرين ليست استثناءً، حيث تمت أول عملية خصخصة لقطاع الاتصالات عام (1981م) وفقاً للباحث الشيخ حسام بن عيسى آل خليفة، وإصدار قانون سياسات وضوابط الخصخصة عام (2002م)، مع متابعتنا الفرص والتحديات، قبل وبعد إصدار القانون حتى وقتنا الحاضر، وسنبدأ بمدخل تعريفي وصولاً إلى التوصيات، فهي بحق تجربة تستحق الدراسة، واستخلاص ما يفيد. وكمقدمة، نرى أن الخصخصة مصطلح حديث نسبياً يعود إلى (1945م)، وأشارت الأدبيات الاقتصادية إلى أن لها أكثر من مُسمى، كـ "الخصخصة" أو "التخصيص" أو "التحول إلى القطاع الخاص"، وكلها مفردات تُفيد حالة انتقال الملكية من المؤسسات الحكومية أو "ما يُسمى بالقطاع العام" إلى "القطاع الخاص"، وتُشير الخصخصة بشكل أوسع إلى "إدخال قوى السوق وآليات العرض والطلب والمنافسة إلى اقتصاد الدولة"، وفي كثير من الحالات - خصوصا في وسائل الإعلام غير المتخصصة - يُشير المصطلح "ببساطة" إلى "بيع المشروعات العامة للقطاع الخاص، وبين هذين البُعدين المتطرفين – العام والخاص - عَبَّر الكتاب المختلفون عن معانٍ مختلفة، كما أن الخصخصة لا تقدم قيمة مضافة لموازنة الدولة عند سعر السوق العادل، إنما فقط تقوم بتحويل أصل من صيغته الحقيقية إلى سيولة نقدية. ويطالب البعض بأن تستعيد الدولة ملكيتها للأصول التي تم بيعها في إطار برامج الخصخصة، لتتمكن من إعادة سيطرتها على مواردها، ويكون لها دخل من أصولها الاقتصادية، وتسمى بـ "الخصخصة المعاكسة" التي تستند إلى أن الدولة لم تعد لها أدوات استثمارية تنمي دخولها سواءً بالتحصيلات الضريبية والرسوم الجمركية التي يتأثر أداؤها جميعها بالحالة العامة للاقتصاد، والبعض ينطلق من معتقدات آيديولوجية بحتة، تنادي بعدم السماح للدول ببيع أية أصول للقطاع الخاص من زاوية أن الحكومة صاحبة حق التصرف وإدارة النشاط الاقتصادي للدولة، ولا يمكن لأية جهة مشاركتها هذا الأمر. وللموضوع بقية.