رؤيا مغايرة

شبابنا إلى أين؟!

| فاتن حمزة

في السنوات الأخيرة انتشر بين الشباب وحتى الأطفال تقليد المشاهير في شكلهم وأفعالهم، خصوصاً وسط تنوع وسائل التواصل الاجتماعي، وسهولة وصول حساباتهم وقنواتهم إلى منازلنا، وأحد أهم أسباب تقليدهم هو ما وصل إليه هؤلاء المشاهير من زيادة في المتابعين الذين أصبحوا بالملايين، ومن جهة أخرى حجم الثراء الذي وصلوا إليه، حيث يتفاخرون ويتباهون به عبر مواقعهم رغم ضعف المحتوى الذي يقدمونه وقلة الفائدة، ليبدد شبابنا أمواله، ومن لم تتوفر له السبل يقوم بالاقتراض أو فتح الأبواب لمنافذ ممولة غير مشروعة كغسيل الأموال أو السرقة والانحراف، فقط لمجاراتهم في ثرائهم وشراء الماركات الغالية والسيارات الفارهة وغيرها من الأشياء المرفهة. للأسف أصبح الشباب اليوم سلعا رخيصة في أيديهم، حيث أغرتهم شهرتهم وأموالهم وتصرفاتهم المنافية لعاداتنا وتقاليد مجتمعنا، فقد أصبح السذج مثلا أعلى لشبابنا حتى أفسدوا فكرهم وثقافتهم وأخلاقهم كما أفسدوا مفاهيم وأصول الشهرة والنجاح.. ظاهرة مخجلة تظهر بكل جرأة على الملأ بأفعالها الغريبة على مجتمعنا حتى استطاعت أن تغير دينهم وأخلاقهم ومبادئهم. صدق الشاعر الكبير أحمد شوقي عندما قال “وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا”، وهنا تكمن المخاوف من تبدل المفاهيم والفكر وفساد الخلق، لنصل إلى مجتمع عقيم عديم الفائدة غير قادر على مواجهة التحديات والظروف في شتى مجالات الحياة كونه أصبح مجتمعا مغيبا استبدل المفاخرة بعلمه ومؤهلاته وكفاءاته بهوس ركيك يؤخر لا يقدم، يبدد أهم القيم والأسس التي تبنى عليها الشعوب. لا يجب السكوت على هذا الواقع، يجب وضع حلول موحدة تضع حدودا لهذه الآفات قبل فوات الأوان، يجب علينا أن نعي حجم وخطورة الحال بوضع قيود وضوابط تقلل انتشارها، على الدولة أن تعمل على منح الحوافز لدفع أصحاب المحتويات القيمة إلى الأمام عوضاً عن ترك الساحة لفئات ضالة تسيطر على مجتمعنا وتجره نحو الهاوية بعد هدم أجمل ما يحمله من قيم وقدرات وكفاءات كان بالإمكان أن يتم تسخيرها واستثمارها لخدمة الوطن.