ستة على ستة

عالم بلا قيادة

| عطا السيد الشعراوي

تشير تحليلات ودراسات منذ سنوات عدة إلى إمكانية تبلور نظام دولي جديد يختلف عن حقبة القطبية الثنائية التي ميزت العلاقات الدولية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945، إلى نهاية الحرب الباردة عام 1989، وعن النظام أحادي القُـطبية الذي تزعمته الولايات المتحدة الأميركية منذ نهاية الحرب الباردة، وترجيح ظهور نظام دولي متعدد الأقطاب مع بروز دور روسيا الاتحادية وظهور قوى جديدة مؤثرة ولاسيما على الصعيد الاقتصادي الأهم الآن مثل الصين، وهو وضع “صعب” يفرض على الدول الأخرى ضرورة التحلي بمهارة بناء التحالفات المتنوعة وإقامة شبكة قوية من العلاقات والمصالح مع الدول المرشحة لأن تكون أقطابًا بهذا النظام الدولي الجديد، حتى لا تكون ضحية للتنافس والصراع على قمة النظام. في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مؤخرا، حذر خبير العلاقات الدولية يوناتان فريمان من نشوء عالم بدون قيادة، واصفًا إياه بالوضع “المخيف”، كونه يؤدي لفراغ ويسمح بالفوضى والصراعات والحروب لملء هذا الفراغ، مستدلًا الكاتب بجملة من المؤشرات من بينها الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، والانسحاب الأميركي من أفغانستان، ومشكلات الاقتصاد الأميركي، وغيرها. يرى الكاتب أن مثل هذا الوضع قد يؤدي لاندلاع صراعات جديدة في مناطق عدة، لاسيما مع عدم الرغبة الأميركية في التدخل في مناطق الصراع، إضافة إلى عدم هيمنة البحرية الأميركية على البحار والمحيطات، ما سيزيد عمليات القرصنة عبر العالم. بالتأكيد منطقة الشرق الأوسط ستكون الأكثر تضررًا من مثل هذا الوضع إن تبلور بالفعل، حيث إن بها ما يكفي وزيادة من الصراعات والأزمات، وبها من “الوقود” ما يكفي لإشعال أزمات أخرى، وبها القوى “الإقليمية” الطامعة في الهيمنة والنفوذ ونشر الفوضى والعنف سواء بسياستها المخالفة لكل القوانين والمواثيق الدولية، أو عبر مساعيها الرامية لامتلاك أسلحة نووية مدمرة، أو عبر وكلائها من الميلشيات الإرهابية. فعلى دولنا العربية الاستعداد لوضع جديد يختلف عما سبق من الأنظمة العالمية سواء ثنائية أو أحادية القطبية، والتي ربما كانت تعطي بعض المرونة في التعامل والتحرك وتساعد في تجنب العديد من المصائب.