ستة على ستة

عجز تنظيم داعش

| عطا السيد الشعراوي

لا نعرف ما إذا كانت عوامل نفسية أم مادية تلك التي تقف وراء ظاهرة التركيز على قضية معينة ومحاولة تكوين رأي عام دولي محدد حتى لو كان خلاف الواقع والحقيقة، وجمود هذا الموقف رغم تغير الوقائع ومجريات الأحداث. في فترة من الفترات ظهر تنظيم “داعش” عبر التحليلات والدراسات المختلفة وكأنه وحش كاسر لا يمكن لأية قوة أن توقفه حتى لو كانت في وزن تحالف دولي ضخم، والذي نجح في توجيه ضربات قوية وقاصمة لهذا التنظيم والقضاء على قيادات مؤثرة فيه، بات معها أقرب إلى ظاهرة صوتية أكثر منها قوة حقيقية على الأرض، إلا أن الدراسات استمرت في التحذير والتهويل من قدرات هذا التنظيم الخارقة على ارتكاب جرائم إرهابية متزامنة في العديد من دول العالم.. ثم جاءت جائحة كورونا لتشغل العالم كله وتدخله أزمة غير مسبوقة توارت معها الاهتمامات والقضايا الأخرى ومن بينها إرهاب داعش، فلم نعد نقرأ كتابات أو نسمع تحليلات تحذيرية ولا حتى أعمالا إرهابية كبيرة كما كنا نتابع بصورة شبه يومية. وصلنا إلى الحرب الدائرة حاليا بين روسيا وأوكرانيا لتتسبب في تراجع الاهتمام بجائحة كورونا وكذلك قضية الإرهاب، لتعلي من قضايا الأمن الغذائي والتضخم وغلاء الأسعار والخوف من مجاعة في العديد من الدول والوصول لجائحة غذاء بعد جائحة فيروس كورونا. مؤخرا فقط، ظهرت التحليلات التي تتبنى موقفًا مغايرًا تمامًا (بعد أن بات أمرًا واضحًا للعيان) لتؤكد ضعف تنظيم “داعش”، ومن بينها مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية ذائعة الصيت، خلصت فيه إلى أن هذا التنظيم لم يعد بمقدوره الآن أن يقوم بتوجيه الهجمات التي كان يقوم بها في السابق، وأقصى ما يمكن أن يفعله هجمات فردية غير مدعومة ماديًا أو لوجستيًا مع إقرار المجلة باستمرار آيديولوجية التنظيم، مؤكدة أنه لا يوجد دليل على إمكانية عودة التنظيم في الغرب الذي افتقد القوة البشرية والموارد والجاذبية التي كانت تغري الأوروبيين الساخطين للانضمام إليه والتورط في أعمال العنف والإرهاب.