ستة على ستة

طلاق الخدعة

| عطا السيد الشعراوي

من أسوأ ما ابتلينا به عبر منصات التواصل الاجتماعي زوال الحدود الفاصلة بين ما يليق ويصلح للعرض وبين ما لا يليق، وعدم مراعاة الفوارق بين الخصوصيات والعموميات، وعدم احترام أية حدود من قبل بعض من يصفون أنفسهم بالمشاهير. من هؤلاء “يوتيوبر” وزوجته كانا قد أعلنا قبل أيام انفصالهما، وكانا يحظيان بمشاهدات ومتابعات واسعة على ما يقدمانه سويا من مقالب ويوميات أسرية تخص عائلتهما.. إلى هنا والأمور قد تبدو طبيعية في ظل حرص الكثيرين على نقل تفاصيل حياتهم لحظة بلحظة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن ظهرت أصوات تؤكد أن انفصال الزوجين لم يحدث، إنما هو خدعة جديدة لتحقيق نسب عالية من المشاهدات، ومن ثم المزيد من الأرباح، مشيرين إلى أن الزوجين اعتادا خداع متابعيهما من خلال فيديوهاتهما بإعلان خبر انفصالهما، ثم يعلنان بعد فترة أنهما تراجعا، ويتضح في النهاية أن الهدف جمع المشاهدات. قد يبدو الأمر مسليًا في البداية، إلا أن تكرار الكذب بداعي المزاح wهذه الأشياء التي ينظر إليها كخطوط حمراء لا يمكن الاقتراب منها ليست كما كان يعتقد بمثل هذا الحسم والصرامة، وأن كل شيء قابل لـ “الهزار”. هنا مكمن الخطوة الحقيقية، أي الاستهانة بالحياة الزوجية وبأمر جلل كالطلاق دون الانتباه إلى أن مثل هذا السلوك “المعيب” قد يدفع من يتابع هؤلاء لنفس الأمر، وتتهاوى الكثير من القيم والأخلاق وتنعدم المعايير التي تحكم سلوكياتنا ويصبح كل شيء مباحًا. ومن متابعة الأخبار وقراءة العناوين التي تتعلق ببعض المشاهير دون تكلف عناء متابعة ما يبثونه يتضح أن مظاهر الانحرافات على مواقع التواصل الاجتماعي كثيرة ومتنوعة، حيث يتفنون بكل جديد من أجل كسب الجمهور واتساع المشاهدات لجني المال. ويحسب للقضاء المصري تصديه الحاسم للعديد من الجرائم التي ترتكب باسم التسلية والحرية والتعبير، طالما أن هناك خللا في فهم هذه الحرية وضوابطها وحدودها.