الباحثون عن النفط

| بدور عدنان

وصفت‭ ‬مستشارة‭ ‬الرئاسة‭ ‬السورية‭ ‬لونا‭ ‬الشبل‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬مثل‭ ‬من‭ ‬يقطع‭ ‬أنفه‭ ‬نكاية‭ ‬بوجهه،‭ ‬توصيف‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬بشكل‭ ‬دقيق،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬على‭ ‬موسكو‭ ‬أضرت‭ ‬بهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬رؤيته‭ ‬بوضوح‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعقوبات‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬استيراد‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الروسي،‭ ‬والتي‭ ‬أرادت‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬واشنطن‭ ‬وقف‭ ‬تدفق‭ ‬الأموال‭ ‬إضافة‭ ‬للعملة‭ ‬الصعبة‭ ‬لروسيا،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬جاءت‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية‭. ‬

فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬أعدت‭ ‬العدة‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طوال،‭ ‬لكن‭ ‬ماذا‭ ‬أعد‭ ‬الغرب‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الذي‭ ‬يستورده‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬التحركات‭ ‬المضطردة‭ ‬والمرتبكة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬هلع‭ ‬وجزع‭ ‬مبرر‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الغربية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬بالنفط‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعوض‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬لا‭ ‬تود‭ ‬ذلك،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬إيعازه‭ ‬لسببين‭ ‬رئيسين،‭ ‬الأول‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬فائدة‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬وانتعاش‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة،‭ ‬ما‭ ‬سيعود‭ ‬بالتأكيد‭ ‬عليها‭ ‬بوفرة‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬تعوض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬هوت‭ ‬فيها‭ ‬أسهم‭ ‬النفط‭.‬

الأمر‭ ‬الآخر‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬تحديداً‭ ‬حليفا‭ ‬جيدا‭ ‬لتلك‭ ‬الدول،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬والتي‭ ‬استبعدتها‭ ‬من‭ ‬مفاوضات‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬إضافة‭ ‬لمهادنة‭ ‬الحوثي‭ ‬وتقييد‭ ‬صفقات‭ ‬تسليحها،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفسر‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تناقلتها‭ ‬الصحف‭ ‬الأميركية‭ ‬برفض‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبوظبي‭ ‬التحدث‭ ‬لبايدن،‭ ‬كما‭ ‬ويعلل‭ ‬الزيارة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لبوريس‭ ‬جونسون‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬للرياض‭ ‬وأبوظبي‭ ‬إضافة‭ ‬للتودد‭ ‬المحرج‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬واشنطن‭ ‬لرئيس‭ ‬فنزويلا‭ ‬الذي‭ ‬لطالما‭ ‬أنكرت‭ ‬شرعيته‭ ‬ولم‭ ‬تعترف‭ ‬به‭.‬

لم‭ ‬تعد‭ ‬واشنطن‭ ‬اليوم‭ ‬القطب‭ ‬الأوحد‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬واقع‭ ‬تجلى‭ ‬بالتأكيد‭ ‬في‭ ‬غزو‭ ‬روسيا‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬وتبعات‭ ‬هذا‭ ‬الغزو،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيعيد‭ ‬بالتأكيد‭ ‬رسم‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الجديد‭.‬