ياسمينيات

زواج الـ “ففتي.. ففتي”

| ياسمين خلف

سئمت‭ ‬الوضع‭! ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬زواجنا‭ ‬لم‭ ‬أجد‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أية‭ ‬غضاضة‭ ‬أو‭ ‬مشكلة،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬بت‭ ‬أكره‭ ‬وضعنا،‭ ‬وألوم‭ ‬نفسي‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬اعتراضي‭ ‬منذ‭ ‬البداية،‭ ‬فأنا‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬وأحتاج‭ ‬لأن‭ ‬أشعر‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتولى‭ ‬مسؤوليتي،‭ ‬وأنا‭ ‬زوجة‭ ‬وأم،‭ ‬ولي‭ ‬ولأطفالنا‭ ‬احتياجات،‭ ‬والتي‭ ‬لو‭ ‬لبُيت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬زوجي‭ ‬سأشعر‭ ‬بمكانتي‭ ‬عنده‭ ‬كزوجة‭ ‬وأم‭ ‬لأبنائه،‭ ‬لا‭ ‬كزميلة‭ ‬أو‭ ‬شريكة‭ ‬عمل‭!‬

البعض،‭ ‬يفهم‭ ‬ويفسر،‭ ‬بل‭ ‬ويطبق‭ ‬الشراكة‭ ‬الزوجية‭ ‬بطريقة‭ ‬خاطئة،‭ ‬فالمؤسسة‭ ‬الزوجية‭ ‬التي‭ ‬ننادي‭ ‬فيها‭ ‬بالتعاون،‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أبداً‭ ‬المناصفة‭ ‬“فيفتي‭.. ‬فيفتي”‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال‭! ‬فالتعاون‭ ‬والرحمة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬الزوجية‭ ‬مطلوبان‭ ‬لاستمرار‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬منحنيات‭ ‬ومطبات‭ ‬قد‭ ‬تُزعزع‭ ‬استقرارها،‭ ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬الجوانب‭ ‬الأخرى‭ ‬لهذا‭ ‬التعاون،‭ ‬فالمشاركة‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬المادي‭ ‬وبالتحديد‭ ‬بالنسبة‭ ‬للزوجة‭ ‬العاملة‭ ‬قد‭ ‬يُستغل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬الأزواج،‭ ‬بحجة‭ ‬التعاون‭.‬

الواقع‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬رائجاً‭ ‬اليوم‭ ‬للأسف،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يناصف‭ ‬الزوج‭ ‬زوجته‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المصروفات،‭ ‬إيجار‭ ‬السكن‭ ‬يدفع‭ ‬هو‭ ‬النصف‭ ‬وهي‭ ‬تدفع‭ ‬النصف،‭ ‬“ماجلة‭ ‬البيت”‭ ‬هي‭ ‬تدفع‭ ‬النصف‭ ‬وهو‭ ‬النصف،‭ ‬رسوم‭ ‬مدارس‭ ‬الأولاد‭ ‬هو‭ ‬نصف‭ ‬وهي‭ ‬نصف‭ ‬وهلم‭ ‬جرا،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البعض‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬“تكفلي‭ ‬أنتِ‭ ‬بأحد‭ ‬الأبناء‭ ‬وبكل‭ ‬مصروفاته،‭ ‬وأنا‭ ‬أتكفل‭ ‬بالآخر‭!‬”،‭ ‬وكأنهما‭ ‬أصبحا‭ ‬زميلين‭ ‬لا‭ ‬زوجين‭ ‬يسعيان‭ ‬إلى‭ ‬التعاون‭ ‬فيما‭ ‬بينهما‭ ‬للعيش‭ ‬بستر‭ ‬وهناء،‭ ‬فحتى‭ ‬الأصدقاء‭ ‬لا‭ ‬يتعاملون‭ ‬بهذا‭ ‬المبدأ‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬“الفيفتي‭ ‬فيفتي”‭!‬

لا‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬راتب‭ ‬المرأة‭ ‬خط‭ ‬أحمر‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬مصروفات‭ ‬المنزل‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬المالية‭ ‬الأخرى‭ ‬للأسرة،‭ ‬فالحياة‭ ‬المعيشية‭ ‬في‭ ‬غلاءٍ‭ ‬مستمر،‭ ‬وأغلب‭ ‬النساء‭ ‬اليوم‭ ‬يقفن‭ ‬كتفاً‭ ‬بكتف‭ ‬مع‭ ‬أزواجهن،‭ ‬ويساهمن‭ ‬بجزء‭ ‬بل‭ ‬وبراتبهن‭ ‬بالكامل،‭ ‬وعن‭ ‬قناعة‭ ‬وبحب‭ ‬لأسرهن،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الدين‭ ‬والشرع‭ ‬يؤكدان‭ ‬أن‭ ‬راتب‭ ‬المرأة‭ ‬لها،‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬للزوج‭ ‬مطالبتها‭ ‬فيه،‭ ‬ومن‭ ‬واجبه‭ ‬كزوج‭ ‬تولي‭ ‬المسؤوليات‭ ‬المالية‭ ‬لأسرته‭ -‬حسب‭ ‬إمكانياته‭ ‬طبعاً‭ ‬‭- ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬اللائق،‭ ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬المودة‭ ‬أن‭ ‬يعامل‭ ‬الزوج‭ ‬زوجته،‭ ‬أم‭ ‬أبنائه‭ ‬كشريك‭ ‬“فيفتي‭... ‬فيفتي”‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬الزواج‭ ‬تعاون‭ ‬ومشاركة‭.. ‬وليس‭ ‬مناصفة‭.‬