زبدة القول

مسؤولية الأسرة حول عنف الأبناء

| د. بثينة خليفة قاسم

قبل‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬قرأت‭ ‬خبرا‭ ‬أزعجني‭ ‬جدا‭ ‬وجعلني‭ ‬أشعر‭ ‬بمدى‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بأبنائنا‭ ‬المراهقين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬أصبح‭ ‬فيها‭ ‬هؤلاء‭ ‬المراهقون‭ ‬بأشد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قرب‭ ‬ورعاية‭ ‬ورقابة‭ ‬الوالدين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقومون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أنشطة‭ ‬وألعاب،‭ ‬خصوصا‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬العنف،‭ ‬بل‭ ‬وتدعو‭ ‬إلى‭ ‬القتل‭ ‬نفسه،‭ ‬وقد‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬بالفعل‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬مراهق‭ ‬باكستاني‭ ‬بقتل‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته‭ ‬بسبب‭ ‬لعبة‭ ‬من‭ ‬ألعاب‭ ‬الإنترنت‭ ‬المعروفة‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أذكرها‭ ‬بالاسم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يعتقد‭ ‬أحد‭ ‬أنني‭ ‬أقوم‭ ‬بعمل‭ ‬دعاية‭ ‬سلبية‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬اللعبة‭ ‬التي‭ ‬تدمر‭ ‬آلاف‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

أما‭ ‬الخبر‭ ‬الذي‭ ‬أزعجني‭ ‬فهو‭ ‬خبر‭ ‬بحريني‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فقد‭ ‬قرأت‭ ‬ما‭ ‬صرحت‭ ‬به‭ ‬السيدة‭ ‬رئيسة‭ ‬نيابة‭ ‬الأسرة‭ ‬والطفل‭ ‬حول‭ ‬قيام‭ ‬ستة‭ ‬أطفال‭ ‬لم‭ ‬يتجاوزوا‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬بإلقاء‭ ‬زجاجات‭ ‬حارقة‭ ‬على‭ ‬الدوريات‭ ‬المتمركزة‭ ‬لحراسة‭ ‬مركز‭ ‬الشرطة،‭ ‬وتسببوا‭ ‬في‭ ‬الإضرار‭ ‬بسيارة‭ ‬مدنية‭ ‬تصادف‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬المكان،‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬الخبر‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬الخاص‭ ‬بالأطفال‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يشغلنا‭ ‬ويزعجنا‭ ‬هنا‭ ‬هو‭: ‬أين‭ ‬كان‭ ‬الأب‭ ‬والأم‭ ‬عندما‭ ‬وصل‭ ‬الابن‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة؟‭ ‬ما‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬أوصله‭ ‬لقرار‭ ‬العنف‭ ‬وكيف‭ ‬استعد‭ ‬وكيف‭ ‬أعد‭ ‬الأداة‭ ‬التي‭ ‬سيستخدمها‭ ‬في‭ ‬ذلك؟

كيف‭ ‬تركت‭ ‬الأسرة‭ ‬ابنا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السن‭ ‬الحرجة‭ ‬ليكون‭ ‬ضحية‭ ‬المؤثرات‭ ‬الخطيرة‭ ‬جراء‭ ‬تعرضه‭ ‬الطويل‭ ‬للإنترنت‭ ‬والألعاب‭ ‬والمواقع‭ ‬والشخصيات‭ ‬والجماعات‭ ‬التي‭ ‬تحض‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬وتسيطر‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬المراهقين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تفكك‭ ‬أسري‭ ‬فرضته‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة،‭ ‬حيث‭ ‬يجلس‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬مع‭ ‬هاتفه‭ ‬وعالمه‭ ‬الافتراضي‭ ‬وحده،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬وحتى‭ ‬مائدة‭ ‬الطعام‭ ‬نفسها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تجمعهم‭.‬

وبالتالي‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬التغرير‭ ‬بالمراهقين‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬سلوكهم‭ ‬ودفعهم‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬وربما‭ ‬القتل‭.‬