ضرورة مراجعة مؤشرات الأداء لسلاسل الإمدادات

| علي الجردابي

مراجعةً‭ ‬لمنحى‭ ‬الأداء‭ ‬لقطاع‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادات‭ ‬والتوريد‭ ‬العالمية‭ ‬خلال‭ ‬العشرة‭ ‬الأعوام‭ ‬الماضية،‭ ‬واستقراءً‭ ‬لمعايير‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬كمقياس‭ ‬للكفاءة‭ ‬المعتمدة‭ ‬على‭ (‬العامل‭ ‬الزمني‭) ‬في‭ ‬أغلبها،‭ ‬لتفيد‭ ‬بذلك‭ ‬من‭ ‬المصانع‭ ‬والشركات‭ ‬المرتبطة‭ ‬للقطاع،‭ ‬بحيث‭ ‬أصبح‭ ‬تقليل‭ ‬الزمن‭ ‬منسوبًا‭ ‬لنجاح‭ ‬أدائهم‭ ‬أو‭ ‬مؤشرًا‭ ‬لتتبع‭ ‬تحسينه‭ ‬وتطويره‭ ‬مع‭ ‬التقادم‭ ‬الزمني‭.‬

معيار‭ (‬العامل‭ ‬الزمني‭) ‬وضع‭ ‬لمراقبة‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمة‭ ‬وسرعة‭ ‬الاستجابة‭ ‬والتوريد‭ ‬عموماً‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬السلاسل‭ ‬البينية‭ ‬تؤدي‭ ‬عملها‭ ‬وفق‭ ‬وقت‭ ‬محدد‭ ‬محسوب‭ ‬تم‭ ‬إدراج‭ ‬كل‭ ‬وحدة‭ ‬فيه‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬لحد‭ ‬من‭ ‬الكفاءة‭ ‬المحسوبة‭ ‬أيضاً،‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬تطوير‭ ‬الأمر‭ ‬بحيث‭ ‬اعتبر‭ ‬مجالا‭ ‬تنافسياً‭ ‬جاذباً‭ ‬بين‭ ‬المنافسين‭ ‬وعاملاً‭ ‬للعملاء‭ ‬مع‭ ‬منحى‭ ‬إمكانية‭ ‬تطبيق‭ ‬جزائي‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬انخفاض‭ ‬الأداء‭ ‬عن‭ ‬المستويات‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬وخصوصاً‭ ‬مع‭ ‬العقود‭ ‬الطويلة‭ ‬والآجلة‭.‬

اختصاراً،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬هكذا‭ ‬مؤشرات‭ ‬تشكلت‭ ‬لتعطي‭ ‬انطباعاً‭ ‬تحفيزياً‭ ‬للأعمال‭ ‬وسرعة‭ ‬وتيرة‭ ‬الأرقام‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬المداخيل‭ ‬وتقليل‭ ‬التكاليف‭ ‬والسماح‭ ‬بالتقييم‭ ‬الكمي‭ ‬والنوعي‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مواءمتها‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬نشاط‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬كأرقام‭ ‬حقيقية‭ ‬ومستنداً‭ ‬بدل‭ ‬التخمين‭ ‬لاستقراء‭ ‬أي‭ ‬سبب‭ ‬طارئ‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬عرف‭ ‬بوفرة‭ ‬الموارد‭ ‬والسلع‭ ‬والخدمات‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬متكاملة‭ ‬ومترابطة‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬مقاطع‭ ‬وحدات‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادت‭.‬

ذلك‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬عشناه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجائحة‭ ‬تقريباً،‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬اليوم‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الراهنة‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬الموارد‭ ‬وانحسار‭ ‬خيارات‭ ‬المصادر‭ ‬وسبل‭ ‬الشحن‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬ساهمت‭ ‬فيه‭ ‬المعايير‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬مشاكل‭ ‬كامنة‭ ‬كالتي‭ ‬نعيشها‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تعطل‭ ‬العجلة‭ ‬التي‭ ‬أفترض‭ ‬لها‭ ‬ألا‭ ‬تتأثر‭ ‬أو‭ ‬تضعف‭ ‬بمستويات‭ ‬منخفضة‭ ‬من‭ ‬أدائها‭ ‬مع‭ ‬التضخم‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭. ‬هذا‭ ‬التركيز‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬التكاليف‭ ‬والكفاءة‭ ‬والمعيار‭ ‬الزمني‭ ‬أدى‭ ‬لتفرد‭ ‬بلدان‭ ‬التصدير‭ ‬في‭ ‬جهة‭ ‬الشرق‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬بدل‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬البدائل‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬في‭ ‬جهات‭ ‬أخرى‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬الحال‭ ‬باعتماد‭ ‬أغلب‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬بنسبة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬65‭ % (‬بحسب‭ ‬الإيكونومست‭) ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬خلق‭ ‬تكدساً‭ ‬وتشابكاً‭ ‬مربكاً‭ ‬للعالم‭ ‬بأسره‭ ‬بعد‭ ‬العجز‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬العالمية‭.‬

الإشكاليات‭ ‬الحاصلة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الأعمال‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬بدقة‭ ‬وقت‭ ‬الطلبية‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬بزمن‭ ‬وصول‭ ‬شحنتك،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬إمكانية‭ ‬الطلب‭ ‬من‭ ‬المورد‭ ‬أو‭ ‬المقدرة‭ ‬على‭ ‬توفر‭ ‬الحاويات‭ ‬المناسبة‭ ‬للشحن‭.. ‬فوصولها‭ ‬تحصيل‭ ‬حاصل‭ ‬لو‭ ‬تحركت‭ ‬عجلة‭ ‬الإمدادات‭ ‬أصلاً‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬تكاليف‭ ‬التحميل‭ ‬والمناولة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬ينظر‭ ‬لها‭ ‬كعائق‭ ‬للكفاءة‭ ‬ومؤشر‭ ‬الأداء‭ ‬لأي‭ ‬مؤسسة‭.‬

من‭ ‬ذلك‭ ‬أجد‭ ‬أن‭ ‬المراجعة‭ ‬لمؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬واستبعاد‭ ‬العامل‭ ‬الزمني‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬حتى‭ ‬تستقر‭ ‬الأوضاع‭ ‬ضرورية‭ ‬لاختبار‭ ‬وحدات‭ ‬بينية‭ ‬أخرى‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬ضمن‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادات،‭ ‬بل‭ ‬أجدها‭ ‬فرصة‭ ‬اليوم‭ ‬للمخاطرة‭ ‬المحسوبة‭ ‬بتحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬المناولة‭ ‬والتحميل‭ ‬ولو‭ ‬تكررت‭ ‬مقابل‭ ‬وفرة‭ ‬الموارد‭ ‬والمخزون‭ ‬لضمان‭ ‬استمرار‭ ‬النشاط‭ ‬دون‭ ‬اضطراب‭ ‬رئيسي‭ ‬يؤدي‭ ‬لانتكاسة‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬طلبات‭ ‬السوق‭. ‬وحدة‭ (‬المخزون‭) ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬محل‭ ‬تساؤل‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬منذ‭ ‬بروز‭ ‬مفهوم‭ ‬JIT‭. ‬المخزون‭ ‬يمثل‭ ‬حلاً‭ ‬جذرياً‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬الأسعار‭ ‬ومعوقات‭ ‬وفرة‭ ‬الموارد‭ ‬والتضخم‭ ‬المتفشي‭ ‬الحاصل،‭ ‬فما‭ ‬تشتريه‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬حتماً‭ ‬أرخص‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬غدٍ‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬مستمر‭ ‬يتغلب‭ ‬بتكلفته‭ ‬على‭ ‬مخاوف‭ ‬تكاليف‭ ‬التحميل‭ ‬والمناولة‭.‬

وعليه،‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬تبسيط‭ ‬خط‭ ‬العمليات‭ ‬وتقييد‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬الرئيسية‭ ‬لتلبية‭ ‬الحاجات‭ ‬واستبعاد‭ ‬التطبيقات‭ ‬الدقيقة‭ ‬والنظر‭ ‬للتفاصيل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منها‭. ‬وبسبب‭ ‬هذه‭ ‬الضرورة‭ ‬الحاصلة،‭ ‬فإن‭ ‬تطوير‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬الأساسية‭ ‬لحساب‭ ‬العامل‭ ‬اللوجستي‭ ‬واتخاذ‭ ‬توفر‭ ‬الموارد‭ ‬أساساً‭ ‬سيؤدي‭ ‬لحفظ‭ ‬النشاط‭ ‬بعد‭ ‬التخلي‭ ‬للتسلسل‭ ‬الهرمي‭ ‬لمؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬الرئيسية‭ ‬للمؤسسات‭ ‬ووفق‭ ‬التباينات‭ ‬الحاصلة‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬لأخرى‭ ‬والتي‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬ذاتها‭ ‬أحياناً‭. ‬درجة‭ ‬الدقة‭ ‬ليست‭ ‬مناسبة‭ ‬الآن‭ ‬ولا‭ ‬تفاصيلها‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المستويات‭ ‬في‭ ‬التسلسل‭ ‬الهرمي‭ ‬لقياس‭ ‬أداء‭ ‬المؤسسة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمؤشرات‭ ‬أداء‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمدادات‭.‬

هذا‭ ‬التوجه‭ ‬يتطلب‭ ‬الإفصاح‭ ‬اليوم‭ ‬والدعوة‭ ‬بالتركيز‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬وحدات‭ ‬التوزيع‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬المخزون‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬لتأمين‭ ‬تدفق‭ ‬الموارد‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬انتكاسة‭ ‬لطلب‭ ‬السوق‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭. ‬ومنه‭ ‬يمكن‭ ‬التدرج‭ ‬بحساب‭ ‬الأولويات‭ ‬للنشاط‭ ‬فمخزون‭ ‬قطاع‭ ‬الإنشاء‭ ‬والصناعة‭ ‬مثلاً‭ ‬والسلع‭ ‬المترابطة‭ ‬ذات‭ ‬الأجل‭ ‬الطويل‭ ‬تمثل‭ ‬أثراً‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬تطبيقه‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الأغذية‭ ‬والأدوية‭ ‬ذي‭ ‬الأجل‭ ‬القصير‭ ‬والمشروط‭.‬

خليجياً،‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬عموماً‭ ‬وتأمين‭ ‬السلع‭ ‬كسوق‭ ‬استهلاكي‭ ‬وحتى‭ ‬يمكن‭ ‬تفادي‭ ‬الإرباك‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الأوربية‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭.. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬طرح‭ ‬خط‭ ‬الحركة‭ ‬التجارية‭ ‬ضمن‭ ‬المثلث‭ ‬الرئيسي‭: (‬جبل‭ ‬علي‭ ‬–‭ ‬الجبيل‭ ‬–‭ ‬جدة‭) ‬يجعل‭ ‬تركيز‭ ‬الاستيراد‭ ‬والتصدير‭ ‬والعمليات‭ ‬البينية‭ ‬للمناطق‭ ‬الأخرى‭ ‬الداخلة‭ ‬فرصة‭ ‬للتموضع‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬والمساهمة‭ ‬لتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الخطوط‭ ‬اللوجستية‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬شرق‭ ‬العالم‭ ‬أو‭ ‬غربه‭. ‬