لبنان واستغلال المبادرة الكويتية

| بدور عدنان

لا يمكن أن ننكر أن هناك من التصريحات اللبنانية ما يدل على وجود رغبة واضحة لدى رئيس الحكومة وبعض القوى السياسية في إعادة توثيق علاقة لبنان بمحيطه العربي، والتخلص من ما كان من شأنه تعكير صفو علاقته مع حاضنته العربية، وهو ما يعيه العالم بأسره أنه ليس أمرا يسيرا في ظل المعطيات الحالية، لكنه في الوقت ذاته ليس أمرا مستحيلا إذا ما كانت هناك رغبة صريحة مقرونة بخطوات عملية وجادة، خصوصاً أن مستوجبات عودة لبنان لحضنه العربي واضحة تتلخص في الخروج من عباءة المليشيات المدعومة من طهران وكبحها.

المبادرة الكويتية أو المبادرة العربية إذا صح التعبير، والتي حملها وزير الخارجية الكويتي الذي زار بيروت الأسبوع الماضي وسلمها لرئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي تعتبر فرصة مواتية للبنان يتوجب التعامل معها واستغلالها أفضل استغلال، خصوصاً أن خطوطها العريضة المعلنة لا تنطوي على أية شروط أو تنازلات، بل إن جل ما يتطلب من لبنان واللبنانيين هو احترام القانون الدولي والمعاهدات المبرمة ودول الجوار عبر تجنب الإساءة بأي شكل من الأشكال لدول الخليج أو أية دولة كانت بالالتزام بسياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، إضافة لإحكام قبضة الدولة على المسيئين ومحاكمة الإرهابيين الذين يسعون لجعل لبنان منصة تستخدم للإضرار بالدول الأخرى، غير عابهين بالمتضرر الأكبر من أعمالهم، أي الدولة اللبنانية والمواطن اللبناني البسيط.

تداعيات الخط المائل الذي جرت له الدولة اللبنانية وابتعادها عن السير في خطوط متوازية مع أشقائها من الدول العربية كان واضحاً خلال الفترة الماضية التي ألقت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

النجاح في تشكيل الحكومة اللبنانية خلال الفترة الماضية وبعض التحركات الأخيرة المتمثلة في محاسبة بعض الأطراف التي كادت تجر لبنان لأزمات أعمق مع دول الجوار خطوات تحسب للبنان، لكن مازلنا نتأمل خطوات أكبر تعبر بشكل أوضح عن رغبة صادقة في تصحيح الأوضاع في لبنان، وهو ما يمكن أن يترجم عبر التفاعل الإيجابي مع المبادرة التي قدمها وزير خارجية الكويت واستغلالها لتصحيح الأمور والعودة بلبنان للمسار الصحيح.