هل يترقب العالم إعادة سيناريو الأزمة الكوبية؟

| بدور عدنان

أجد في ما يحدث اليوم من أزمة بين روسيا وأوكرانيا مقاربة لأحد أهم أحداث الحرب الباردة المتمثلة في أزمة الكاريبي أو المعروفة بأزمة صواريخ كوبا، رغم أن الوضع كان أخطر آنذاك، إذ كان العالم قاب قوسين أو أدنى من وقوع حرب نووية، وهو الأمر المستبعد إلى حد كبير في الأزمة الروسية الأوكرانية اليوم. ففي عام 1962 قام الاتحاد السوفييتي بنشر عدد كبير من الصواريخ في كوبا القريبة من الولايات المتحدة الأميركية، ما شكل تهديدا وجوديا لواشنطن حتى قيل إن الغريمين كانوا يضعون أصابعهما على أزرار النووي في استعداد لخوض المعركة التي إن حدثت يومها كانت بالتأكيد ستكون أسوأ من الحربين العالميتين، فهي ستكون حربا نووية بين أكبر دولتين تمتلكان هذه الأسلحة، إلا أن الأزمة حُلت بعد أن سحب الاتحاد السوفييتي صواريخه من كوبا مقابل تعهد أميركي بعدم غزو الدولة الشيوعية. اليوم وفي مشهد أقرب ما يكون شبيها بالأمس، حشدت روسيا قواتها على حدودها مع أوكرانيا في تحرك قرأه المجتمع الدولي على أنه تهديد لغزو روسي لأوكرانيا، وذلك رداً على تسليح الغرب لكييف، إضافة لسعيهم لضمها لحلف شمال الأطلسي، ما سيجعل لواشنطن موطئ رجل عند الحدود الروسية وهو الأمر الذي يستحيل أن يقبل به بوتين حتى إن استلزم الأمر غزو أوكرانيا لردعه. رغم أن واشنطن مازالت في صدارة الدول الأقوى من ناحية العتاد والإنفاق العسكري، إلا أنها ستتفادى دون شك الصدام المباشر مع روسيا، والتي وإن تساقطت أمجادها فهي لا تزال لاعبا أساسيا ومهما على الساحة الدولية لن ولم تسمح بوجود خطر مباشر على بعد كيلومترات من حدودها. واشنطن تعي خطورة الوضع وتداعياته، ذلك ما يمكن قراءته من تردد الأطلسي في ضم أوكرانيا للناتو، فالغرب يعلم أن خطوة كهذه ستفتح أبواب الجحيم على العالم، من المترقب أن ترخي واشنطن الحبل لصالح موسكو وأن تتوقف عن تسليح أوكرانيا، كما أنها ستغض النظر عن ضمها أو ضم أية دولة حدودية مع روسيا لحلف شمال الأطلسي.