منْ عَرفَ مُحدِّثهُ أمِنَ شرَّه

| هدى حرم

البشرُ‭ ‬كائناتٌ‭ ‬اجتماعية‭ ‬غيرُ‭ ‬قادرةٍ‭ ‬على‭ ‬العيش‭ ‬بمفردها؛‭ ‬لذا‭ ‬فإنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬مجموعاتٍ‭ ‬تشكل‭ ‬مجتمعات،‭ ‬ويتواصلون‭ ‬باستخدام‭ ‬لغاتٍ‭ ‬مختلفة‭ ‬لفهم‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬ونقل‭ ‬الرسائل،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬وضمنَ‭ ‬اللغة‭ ‬ذاتها،‭ ‬فإنَّ‭ ‬هناك‭ ‬أنواعا‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬المتحدثين‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬نلتقي‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭.‬

أكثرُ‭ ‬أنواع‭ ‬المتحدثين‭ ‬شيوعًا‭ ‬هو‭ ‬المتحدث‭ ‬“المعارض”،‭ ‬يجتهد‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المتحدثين‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬معارضةِ‭ ‬أفكارك‭ ‬والدفاعِ‭ ‬عن‭ ‬آرائه‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬ويعتقدُ‭ ‬أنه‭ ‬يعرف‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬وأنَّ‭ ‬الآخرين‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬شيئًا،‭ ‬عادةً‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬لهذا‭ ‬المعارض‭ ‬أية‭ ‬فائدةٍ‭ ‬تُرجى‭ ‬من‭ ‬أنْ‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مواجهة،‭ ‬ويفعلُ‭ ‬هذا‭ ‬فقط‭ ‬لتحفيز‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬دفاعياً،‭ ‬لذا‭ ‬فإنْ‭ ‬فُرِضَ‭ ‬عليك‭ ‬التحاور‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المتحدثين،‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تدعه‭ ‬يكسب‭ ‬المعركة‭ ‬بأن‭ ‬تبقى‭ ‬محافظاً‭ ‬على‭ ‬هدوئك‭.‬

النوعُ‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬المتحاورين‭ ‬هو‭ ‬“المصحح”‭ ‬الذي‭ ‬يكرهه‭ ‬البعضُ‭ ‬بشدة،‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المتحدثين‭ ‬لا‭ ‬يتخذُ‭ ‬فقط‭ ‬إجراءاتٍ‭ ‬دفاعية‭ ‬ضدك،‭ ‬لكنه‭ ‬يُصححُ‭ ‬لك‭ ‬أيضًا‭ ‬كلما‭ ‬وجد‭ ‬فرصةً‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬علاوةً‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يذهب‭ ‬هذا‭ ‬المصحح‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬مدى‭ ‬حين‭ ‬يصححُ‭ ‬النكتةَ‭ ‬التي‭ ‬تُلقيها،‭ ‬وأحداث‭ ‬القصة‭ ‬التي‭ ‬ترويها،‭ ‬وحتى‭ ‬أحداث‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬لك‭ ‬أو‭ ‬لشخصٍ‭ ‬آخر،‭ ‬لتكون‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬يريد‭ ‬أو‭ ‬يعتقد‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬الطريقة‭ ‬الصحيحة‭ ‬لسردِ‭ ‬الموقف‭. ‬عليك‭ ‬تجاهله‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬القصة‭.‬

النوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬المتحدثين‭ ‬هو‭ ‬شخصٌ‭ ‬لابد‭ ‬أنَّ‭ ‬الجميعَ‭ ‬قد‭ ‬التقى‭ ‬به،‭ ‬ويُدعى‭ ‬“سارق‭ ‬القصة”‭. ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬عندما‭ ‬تحكي‭ ‬أنت‭ ‬وصديقك‭ ‬قصةَ‭ ‬فيلم‭ ‬أو‭ ‬كتاب‭ ‬لمجموعةٍ‭ ‬من‭ ‬الأشخاص،‭ ‬ويقاطعك‭ ‬صديقك‭ ‬“سارق‭ ‬القصة”،‭ ‬الذي‭ ‬يُنهي‭ ‬القصةَ‭ ‬بدلاً‭ ‬منك،‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يقتلَ‭ ‬حماسك‭ ‬لإكمال‭ ‬قصتك،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كنتَ‭ ‬جزءًا‭ ‬منها،‭ ‬فتفقدَ‭ ‬الاستمتاعَ‭ ‬بها‭ ‬نهائياً،‭ ‬إذا‭ ‬حدثَ‭ ‬هذا،‭ ‬دعْ‭ ‬الطرفَ‭ ‬الآخر‭ ‬يكملُ‭ ‬واستمع‭ ‬فقط‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نحيا‭ ‬بمفردنا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬ونحتاح‭ ‬لأن‭ ‬نعيشَ‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعاتٍ‭ ‬لبناء‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬وإنْ‭ ‬اختلفنا‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬تفكيرنا‭ ‬وأسلوبنا‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬والتحاور‭. ‬الاختلافُ‭ ‬وارد،‭ ‬والأهمُ‭ ‬هو‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬نتصرفُ‭ ‬بها،‭ ‬بحيث‭ ‬نحافظُ‭ ‬على‭ ‬الودِّ‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭.‬