القضية الفلسطينية وصراعات الفصائل والأجنحة (2)

| سالم الكتبي

لا‭ ‬أريد‭ ‬هنا‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬التوظيف‭ ‬الإيراني‭ ‬للحركات‭ ‬والميلشيات‭ ‬كأذرع‭ ‬طولى‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الإقليم،‭ ‬لكنني‭ ‬أستغرب‭ ‬ألا‭ ‬يعرف‭ ‬قادة‭ ‬حركة‭ ‬فلسطينية‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬كون‭ ‬شعبهم‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬عادلة‭ ‬ومشروعة،‭ ‬وبين‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬إقليمي‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بقضيتهم‭ ‬الوطنية‭! ‬قد‭ ‬يزعم‭ ‬أحدهم‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬تمول‭ ‬“حماس”‭ ‬بالأموال‭ ‬والسلاح،‭ ‬وأن‭ ‬العرب‭ ‬لا‭ ‬يقدمون‭ ‬للحركة‭ ‬شيئاً،‭ ‬وهذا‭ ‬صحيح‭ ‬لأن‭ ‬العرب‭ ‬يوجهون‭ ‬أموالهم‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وليس‭ ‬لحركات‭ ‬وتنظيمات‭ ‬تنفقها‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬الأسلحة‭ ‬وخوض‭ ‬معارك‭ ‬تضر‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تفيده،‭ ‬ومن‭ ‬ينكر‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يذكرنا‭ ‬بإنجاز‭ ‬إيجابي‭ ‬واحد‭ ‬عاد‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أو‭ ‬قضيته‭ ‬من‭ ‬جولات‭ ‬العنف‭ ‬العنترية‭ ‬التي‭ ‬خاضتها‭ ‬“حماس”‭ ‬ضد‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭! ‬الكل‭ ‬يعرف‭ ‬حجم‭ ‬الدمار‭ ‬والخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بقطاع‭ ‬غزة‭ ‬خلال‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬“حماس”‭ ‬والجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والكل‭ ‬يعرف‭ ‬كذلك‭ ‬حجم‭ ‬المعاناة‭ ‬والمأساة‭ ‬الإنسانية‭ ‬المتفاقمة‭ ‬داخل‭ ‬القطاع‭. ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬“حماس”‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الحركات‭ ‬المسلحة‭ ‬أصبحت‭ ‬عبئاً‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لأنه‭ ‬ببساطة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العنف‭ ‬الخيار‭ ‬الوحيد‭ ‬لأية‭ ‬حركة‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬تستهدف‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬شعبها‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬حقوقه‭! ‬الحقيقة‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬مشكلة‭ ‬“حماس”‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬رؤيتها‭ ‬الآيديولوجية‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬“سلخ”‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتجريدها‭ ‬من‭ ‬عروبتها‭ ‬لأن‭ ‬جذور‭ ‬فكر‭ ‬الحركة‭ ‬الإخوانية‭ ‬لا‭ ‬تؤمن‭ ‬بعروبة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولا‭ ‬تعترف‭ ‬بروابطها‭ ‬التاريخية‭ ‬والمصيرية‭ ‬مع‭ ‬حاضنتها‭ ‬العربية‭ ‬التقليدية،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تنظر‭ ‬للقضية‭ ‬باعتبارها‭ ‬أولوية‭ ‬مركزية‭ ‬أولى‭ ‬لها‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الظروف‭ ‬والتغيرات‭ ‬والتحديات‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

“حماس”‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬سوى‭ ‬لغة‭ ‬السلاح‭ ‬ولم‭ ‬تستوعب‭ ‬أي‭ ‬درس‭ ‬من‭ ‬التفاعلات‭ ‬الحاصلة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2006‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ولم‭ ‬تفطن‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نجاحها‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬تكريس‭ ‬الانقسام‭ ‬الداخلي‭ ‬وعزل‭ ‬نحو‭ ‬مليوني‭ ‬فلسطيني‭ ‬داخل‭ ‬حدود‭ ‬القطاع،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لحقت‭ ‬بالقضية‭ ‬والشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬خسائر‭ ‬كبرى‭. ‬“إيلاف”‭.‬