ما وراء الحقيقة

القمة الخليجية 42.. للاقتصاد كلمة

| د. طارق آل شيخان الشمري

التكتلات والتحالفات الإقليمية والدولية، سواء كانت تحالفات ذات أهداف سياسية وأمنية واقتصادية، أو كانت على مستويات دينية وعرقية، لا يمكن لها أن تكون جامدة لا تتوافق مع التغيرات أيا كانت، وإلا فإنه لا طائل ولا هدف منها، أما إذا كان أساس إنشائها تحقيق المصلحة والمنفعة، فإن المصلحة تتطلب أن تستوعب هذه المنظومة كل المتغيرات والظروف المحيطة بها، وضمن هذه المنظومات الإقليمية مجلس التعاون الذي اختتم قبل أيام قمته الثانية والأربعين، بقرارات وتحولات جذرية بمفهوم الوحدة الخليجية. لكن قبل البدء بشرح بسيط وعميق المعنى، علينا أولا أن نعرف أن جوهر الفكر الوحدوي الخليجي ما قبل القمة 42، أو بالأحرى قبل رؤية الملك سلمان بتطوير منظومة مجلس التعاون، كان التركيز أولا وأخيرا على التكامل السياسي بين الدول، حتى تكون صوتا واحدا وسياسة جماعية واحدة في التعامل مع دول العالم، وقد نجح هذا الفكر الوحدوي منذ أن انتهجه الآباء المؤسسون، عليهم رحمة الله جميعا، مستمرا حتى ما بعد تحرير الكويت من الغزو البعثي. أما في هذه القمة، وبعد تبني رؤية الملك سلمان، وبعد جولات سمو الأمير محمد بن سلمان الخليجية، اتفقت كل الرؤى والآمال والأحلام والتمنيات على التركيز على التكامل الاقتصادي بالدرجة الأولى، وتحقيق واقع السوق الخليجية المشتركة عام 2025، وبمعنى أشد وضوحا للقارئ العربي، فإن رؤية الملك سلمان المدعومة من كل دول الخليج هي: أن التركيز وتحقيق التكامل الاقتصادي هو من سيحقق التكامل السياسي لدول الخليج، وللتمدد بالتوضيح أكثر كمثال، فإن الحملات التي تقودها الولايات المتحدة ضد الصين ليست حربا عسكرية أو نووية بل هي حرب اقتصادية، فالتمدد الاقتصادي الصيني هو ما يقلق واشنطن وليس التمدد السياسي لبكين، فالاقتصاد هو من يحكم السياسة الآن.