فجر جديد

مهارة تلميع الأحذية

| إبراهيم النهام

خلال‭ ‬سنوات‭ ‬عملي‭ ‬متنوعة‭ ‬المجالات،‭ ‬رأيت‭ ‬أسماء‭ ‬يصعد‭ ‬نجمها‭ ‬تدريجياً،‭ ‬بعمل‭ ‬عصامي‭ ‬شاق،‭ ‬استغرق‭ ‬منها‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والتعب،‭ ‬وهي‭ ‬تحفر‭ ‬الصخور‭ ‬الصلبة‭ ‬بأظافرها،‭ ‬حتى‭ ‬بلغت‭ ‬ما‭ ‬بلغته‭ ‬اليوم،‭ ‬من‭ ‬مكانة،‭ ‬واسم‭ ‬يشاد‭ ‬به،‭ ‬وشهرة،‭ ‬وعلاقات،‭ ‬وسمعة‭ ‬طيبة‭.‬

وكما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك،‭ ‬إيماناً‭ ‬منه‭ ‬بالمبدأ،‭ ‬والذي‭ ‬ينال‭ ‬به‭ ‬الفرد‭ ‬ما‭ ‬يستحقه‭ ‬دون‭ ‬زيادة‭ ‬أو‭ ‬نقصان،‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬أخرى‭ ‬بمجالات‭ ‬العمل‭ ‬المختلفة‭ ‬تعتاش‭ ‬في‭ ‬صعودها‭ ‬على‭ ‬النفاق‭ ‬والابتذال‭ ‬والتلميع،‭ ‬بمهارة‭ ‬لا‭ ‬يحسدون‭ ‬عليها‭.‬

اختيار‭ ‬الطريق‭ ‬المختصر‭ ‬للصعود‭ ‬واختصار‭ ‬السنوات‭ ‬الزمنية،‭ ‬يواكبه‭ ‬سقوط‭ ‬أسرع،‭ ‬وهذه‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬جدال‭ ‬فيها،‭ ‬فما‭ ‬بني‭ ‬على‭ ‬باطل‭ ‬فهو‭ ‬باطل،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬ولو‭ ‬بعد‭ ‬حين،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬المرء‭ ‬كرامته،‭ ‬واحترام‭ ‬الناس‭ ‬له،‭ ‬وهو‭ ‬يعرف‭ ‬بقرارة‭ ‬نفسه‭ ‬أنهم‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬بذلك‭.‬

وكنت‭ ‬قد‭ ‬تناقشت‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬أخيراً،‭ ‬فوصلنا‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬بأن‭ ‬القصور‭ ‬في‭ ‬التربية،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الدين،‭ ‬والظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصعبة،‭ ‬كلها‭ ‬لعبت‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬البعض‭ ‬لضباع‭ ‬ووحوش‭ ‬كاسرة‭ ‬ونمور‭ ‬وتماسيح،‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬شيئاَ‭ ‬حين‭ ‬تجوع‭ ‬إلا‭ ‬اللحم‭ ‬والدم‭.‬

هذه‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تنخر‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬المختلفة‭ ‬به،‭ ‬وعلى‭ ‬استقرار‭ ‬الأسرة‭ ‬نفسها،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حل‭ ‬واحدة‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬دون‭ ‬الأخرى،‭ ‬فهي‭ ‬مرتبطة‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض،‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬انفكت‭ ‬عقدة‭ ‬واحدة‭ ‬منها،‭ ‬ستفك‭ ‬بقية‭ ‬العقد‭ ‬الأخرى‭ ‬تدريجياً،‭ ‬ولكن‭ ‬بمسؤولية‭ ‬صادقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجميع‭.‬