الإدارة بالحب.. المرأة البحرينية نموذجًا

| حوراء مرهون

نحتفل‭ ‬في‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬ديسمبر‭ ‬بيوم‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬وكلنا‭ ‬فخر‭ ‬بأننا‭ ‬تجاوزنا‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬فكرة‭ ‬إشراك‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العمل‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬المجال‭ ‬الإعلامي،‭ ‬تجاوزنا‭ ‬النظرة‭ ‬السائدة‭ ‬بأن‭ ‬المرأة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الإنجاز‭ ‬والتميز‭ ‬والنجاح‭.‬

بينما‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تناقش‭ ‬إمكان‭ ‬انخراط‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإعلامي،‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬قطعنا‭ ‬شوطا‭ ‬طويلا‭ ‬ووصلنا‭ ‬لمراحل‭ ‬متقدمة‭ ‬من‭ ‬التحدي‭ ‬والتنافسية‭ ‬والقيادة‭ ‬والريادة‭ ‬أيضا‭.‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليحصل‭ ‬لو‭ ‬لا‭ ‬إيمان‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬البحرين‭ ‬وثقتها‭ ‬بقدرات‭ ‬نسائها،‭ ‬إيمان‭ ‬وثقة‭ ‬تبنتها‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬قمة‭ ‬الهرم‭ ‬لأسفله،‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬وشعب‭ ‬ومؤسسات‭ ‬رسمية‭ ‬وأهلية‭.‬

حين‭ ‬تخصصت‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬قسم‭ ‬الإذاعة‭ ‬والتلفزيون،‭ ‬كان‭ ‬هنالك‭ ‬تخوف‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬كيف‭ ‬ستنافسين‭ ‬وتنخرطين‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وأنت‭ ‬فتاة،‭ ‬رقم‭ ‬واحد،‭ ‬اثنان‭: ‬محجبة،‭ ‬ثلاثة‭: ‬مصابة‭ ‬بالسكلر‭ (‬الأنيميا‭ ‬المنجلية‭)‬،‭ ‬ما‭ ‬يجعلني‭ ‬خاضعة‭ ‬لاشتراطات‭ ‬المرض‭ ‬وظروفه‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة،‭ ‬لكنني‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬عملت‭ ‬جاهدة‭ ‬على‭ ‬اخضاع‭ ‬المرض،‭ ‬وكان‭ ‬ردي‭ ‬على‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الذين‭ ‬تخوفوا‭ ‬من‭ ‬إمكان‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬بأن‭ ‬المفهوم‭ ‬السامي‭ ‬للإعلام‭ ‬أساسه‭ ‬الفكر‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التأثير،‭ ‬وإذا‭ ‬تحدثنا‭ ‬عن‭ ‬صناعة‭ ‬الأثر‭ ‬فالمرأة‭ ‬بفطرتها‭ ‬خلقت‭ ‬مؤثرة،‭ ‬وقيادية،‭ ‬وقوية،‭ ‬لأنها‭ ‬وإن‭ ‬بان‭ ‬للعالم‭ ‬ضعفها‭ ‬أحيانا،‭ ‬فهي‭ ‬قوية‭ ‬بضعفها‭ ‬جدا‭.‬

وهي‭ ‬المدرسة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬التأثير،‭ ‬هي‭ ‬الأم‭ ‬التي‭ ‬ترسخ‭ ‬الأفكار‭ ‬والمبادئ‭ ‬وتبني‭ ‬الأجيال،‭ ‬وترسم‭ ‬خطوط‭ ‬النجاح‭ ‬لابنها،‭ ‬وزوجها‭ ‬وأسرتها‭ ‬والعالم‭.‬

المرأة‭ ‬تمتلك‭ ‬شدة‭ ‬اللين،‭ ‬وهي‭ ‬“multi tasking”‭ ‬بالفطرة،‭ ‬فهي‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬أشد‭ ‬الملفات‭ ‬تعقيدا‭ ‬بهدوء‭ ‬وتركيز‭ ‬ونظام،‭ ‬والأهم‭ ‬بعاطفة‭ ‬وحب‭.‬

خلال‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإعلامي،‭ ‬وجدت‭ ‬تفهما‭ ‬وترحيبا،‭ ‬وثقة‭ ‬عالية‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة‭ ‬عملت‭ ‬فيها‭.‬

سواء‭ ‬في‭ ‬جهات‭ ‬حكومية،‭ ‬خاصة،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬حيث‭ ‬انتخبت‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬جمعية‭ ‬البحرين‭ ‬لرعاية‭ ‬مرضى‭ ‬السكلر‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬ملف‭ ‬صحي‭ ‬معقد‭ ‬وشائك‭ ‬جدا‭.‬

هذا‭ ‬يعكس‭ ‬ثقافة‭ ‬مجتمع،‭ ‬ودولة‭.‬

ثقافة‭ ‬تمكن‭ ‬المرأة،‭ ‬ولا‭ ‬تميز‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الرجل‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬إطلاقا‭. ‬على‭ ‬العكس،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬لأني‭ ‬امرأة‭ ‬كنت‭ ‬أحظى‭ ‬بدعم‭ ‬إضافي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬تؤمن‭ ‬بأهمية‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭.‬

المرأة‭ ‬الإعلامية‭ ‬اليوم‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬بارزا‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬التنمية‭ ‬الوطنية؛‭ ‬لأن‭ ‬تنمية‭ ‬الأوطان‭ ‬وازدهارها‭ ‬مرهونة‭ ‬بالفرد،‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬الإسهام‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬بلده‭ ‬ورفعة‭ ‬شأنه‭.‬

وما‭ ‬الفرد‭ ‬إلا‭ ‬نتاج‭ ‬أفكار‭ ‬وثقافة‭ ‬ومبادئ،‭ ‬ومن‭ ‬يصنع‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار؟‭ ‬ومن‭ ‬ينميها؟

بالطبع‭ ‬هو‭ ‬الإعلام‭. ‬لذا‭ ‬نعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬للمرأة‭ ‬المدرسة‭.‬

وهي‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬صناعة‭ ‬الأثر‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬والترويج‭ ‬لبضاعة‭ ‬الحب‭ ‬والانتماء‭ ‬والوحدة‭ ‬والولاء‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي‭.‬

نحن‭ ‬فخورون‭ ‬جدا‭ ‬بهذا‭ ‬المجتمع‭ ‬الراقي،‭ ‬وهذه‭ ‬الدولة‭ ‬الداعمة‭ ‬والمتقدمة‭ ‬في‭ ‬استراتيجياتها‭ ‬وبرامجها‭ ‬التنموية‭.‬

ولا‭ ‬نملك‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬نشكر‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الحاضنة،‭ ‬بقيادتها،‭ ‬شعبها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬المختلفة‭ ‬لصناعة‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المشرّف‭ ‬للمرأة‭ ‬البحرينية‭.‬