سوالف

أصدقائي المدرسين.. قصة كفاح وصل صداها مجرات النجوم

| أسامة الماجد

يقول الأديب المصري الكبير أنيس منصور رحمه الله: “كثيرا ما وصف الأنبياء بأنهم معلمون، ووصف الزعماء بأنهم أساتذة الشعوب، وكما يحدث للأنبياء يحدث للمعلمين أيضا، فكما أن كل نبي في وطنه مهان، كذلك كل مدرس في مدرسته وفي كليته مهان، وهوان المدرسين هو الإرهاق المستمر، والتعب الذي لا ينتهي بالخروج من المدرسة أو من الكلية، إنما يستأنف المدرس عمله في البيت في القراءة والتصحيح، وعليه بعد ذلك أن يكون زوجا وأبا أو ابنا بارا بوالديه”. لدي من الزملاء والأصدقاء المدرسين، من يرتقي اسمهم في ازدهار في كل المواقع، في الطيبة والأخلاق، والنخوة والشهامة، والكرم وحب الخير، يجاهدون في عملهم المقدس بإخلاص وتفان، وتحملوا الصعاب والمشاق، ومهما حصل تجدهم متمسكين بمبادئهم الكريمة وأخلاقهم الحميدة، ويشقون طريقهم المختلف بوضوح وقوة. لم أصادف أحدا منهم في يوم ما حدثني بمرارة النفس المثقلة بهموم الوظيفة وصنوف معاناة التعامل مع الطلبة، فهم في سلام أبدي مع أنفسهم ومحيطهم، كيف لا وهم اختاروا لأنفسهم أعظم وأقدس مهنة، تتطلب معرفة وقدرة خاصة، بل وقصة كل واحد منهم في الحياة تتطلب من الحفاوة والعناية أضعاف ما يبذل في الكثير من مسلسلات السير الذاتية أو الروايات، قصة كفاح كبيرة وصل صداها إلى مجرات النجوم وعطرها لامس بحار ومحيطات العالم وتصحو مع النبت الأخضر بفرح حنون. “أستاذ محمد الحلي، وأستاذ محمد العصفور، وأستاذ عبدالجليل سلمان”، مدرسون أشداء، تومض النجوم في عيونهم بالفرحة الجسورة، ملحمة من العطاء تستحق أن تروى لتعطي زادا ثريا لشبابنا الطامح للأدب والثقافة والفكر وحمل راية التدريس في المستقبل، مدرسون قدموا عطاء ثريا في حقل التدريس وفي حياتهم الأسرية والاجتماعية، ويتميزون بتلك الطاقة الهائلة الكامنة في الأعماق، وجهاد متواصل وصبر دائب، وأي أرض يمشون عليها تكون دائما مبتهجة.