“الآن قد علمت سرك يا بحرين”

| القس هاني عزيز

ما الذي تتميّز به مملكة البحرين فيجعل كل من يعيش ومن عاش فيها “لا يستطيع أن يغادرها”؟ فهذه المملكة الساحرة تنطبع في فكره ووجدانه، وتبقى ذكريات السنين حيث أمضى جلَّ أيامه محفورةً في قلبه.  جئت إلى البحرين وكانت خطتي أن أغادرها بعد سنتين، وأحيانًا لا أصدّق أن هاتين السنتين صارتا إحدى وعشرين سنة، ليس أنا فقط من مرّ بهذه التجربة، أذكر هنا الأستاذ إبراهيم وهو هندي الجنسية الذي جاء مثلي بعقد لمدة سنتين، وكان قد كلمني منذ أيام قليلة طالبًا مني أن أدعو له في صلاتي، فسألته هل أنت مريض أو تعاني من مشكله ما؟ فقال لا أنا في صحةٍ جيدة، ولكنني أشعر بألم وضيق لأنني سأغادر “بلدي”.  سألته هل ستغادر الهند؟ قال لا سأغادر البحرين، من ثمَّ سألته ثانيةً، كم سنةً وأنت في البحرين؟ فردَّ علي قائلًا، ليست مدة طويلة، قلت له هل هي عشر سنوات؟ فردّ بحزن بدا عليه من نبرة صوته هي “أربع وأربعون سنة”.. عجبًا لك يا بحريننا الكريمة العظيمة ماذا فيك كي تجعلي من يطأ بقدمه على أرضك لا يستطيع أن يغادرك، هل هو التسامح؟ أم التعاطف؟ أم التعايش السلمي؟ أم السلام؟ أم الأمن والأمان؟ أم الحرية؟  كل هذه القيم لا تصنعها الطرق ولا المباني ولا الآثار، بل يوجدها البشر، لقد ولدت جميعها في قلب الأجداد وأورثوها إلى الآباء وزرعوها في الأحفاد، لقد صدرها جميعها رجل سلام وملهمه هو عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، هذا الرجل الذي أظهر في كل كلمة وكل فكرة تخرج من جلالته أنه ليس فقط ملكًا للبحرينيين بل هو ملك لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، لقد تربى وأنشأ شعب البحرين في جو التسامح السلمي والكرم وقبول الآخر، الآن قد علمت سرك يا بحرين السر المخفي الذي يجعل الناس يحبونك ويرتبطون بك، ويعلنون قائلين “لم ولن ننساك”.