زبدة القول

الجريمة التي هزت الرأي العام

| د. بثينة خليفة قاسم

تابعت‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬حادثة‭ ‬جعلتني‭ ‬أشعر‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬تلقى‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬الاحترام‭ ‬والتقدير،‭ ‬وتعيش‭ ‬بكرامة‭.‬

هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬قلعة‭ ‬التمدين‭ ‬والحريات‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬حرية‭ ‬المرأة،‭ ‬هي‭ ‬جريمة‭ ‬ضمن‭ ‬جرائم‭ ‬عديدة‭ ‬ارتكبها‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬شرطة‭ ‬العاصمة‭ ‬البريطانية‭ ‬ضد‭ ‬فتاة‭ ‬في‭ ‬مقتبل‭ ‬العمر،‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬قد‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬لقامت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بإلقاء‭ ‬المسؤولية‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬كلها،‭ ‬ولسطرت‭ ‬المقالات‭ ‬والتقارير‭ ‬عن‭ ‬انتهاك‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬وكرامة‭ ‬المرأة،‭ ‬ولقامت‭ ‬الدنيا‭ ‬ولم‭ ‬تقعد‭.‬

هذا‭ ‬الضابط‭ ‬الذي‭ ‬اعتاد‭ ‬خطف‭ ‬النساء‭ ‬واغتصابهن‭ ‬وجد‭ ‬تلك‭ ‬الفتاة‭ ‬تسير‭ ‬وحدها‭ ‬فأخرج‭ ‬لها‭ ‬بطاقة‭ ‬الشرطة،‭ ‬وقام‭ ‬بالقبض‭ ‬عليها‭ ‬وتكبيل‭ ‬يديها،‭ ‬وأخذها‭ ‬في‭ ‬سيارته‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬“كنت”،‭ ‬وقام‭ ‬باغتصابها‭ ‬وقتلها‭ ‬وحرق‭ ‬جثتها،‭ ‬وألقاها‭ ‬في‭ ‬بركة‭ ‬في‭ ‬غابة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬اختفت‭ ‬الفتاة‭ ‬وظلت‭ ‬الشرطة‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬حتى‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬الفاعل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مشهورا‭ ‬بين‭ ‬زملائه‭ ‬بالمغتصب،‭ ‬ويوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬حكم‭ ‬عليه‭ ‬القاضي‭ ‬بالسجن‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭ ‬وهي‭ ‬أقصى‭ ‬عقوبة‭ ‬جنائية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭.‬

هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬هزت‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬برمتها،‭ ‬وكشفت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الضابط‭ ‬ليس‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يستغل‭ ‬وظيفته‭ ‬في‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬النساء،‭ ‬حيث‭ ‬نشرت‭ ‬الصحف‭ ‬أن‭ ‬مئات‭ ‬النساء‭ ‬تعرضن‭ ‬لاعتداءات‭ ‬مماثلة،‭ ‬بل‭ ‬واعترفت‭ ‬الشرطة‭ ‬نفسها‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ثلث‭ ‬الضباط‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬النساء،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬تتعرض‭ ‬للاعتداء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬زملائها‭ ‬الرجال‭ ‬تخشى‭ ‬تقديم‭ ‬شكوى‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يقال‭ ‬عنها‭ ‬إنها‭ ‬مثيرة‭ ‬للشغب‭.‬

فلنتخيل‭ ‬حجم‭ ‬المأساة‭ ‬ولنسأل‭ ‬أنفسنا‭ ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬حرية‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬نسمع‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الغرب؟‭ ‬وما‭ ‬قيمة‭ ‬تلك‭ ‬الحرية‭ ‬وما‭ ‬أهميتها؟‭.‬