فجر جديد

طنطاوي... رجل كل الحروب

| إبراهيم النهام

لم‭ ‬يكن‭ ‬رحيل‭ ‬رجل‭ ‬“كل‭ ‬الحروب”‭ ‬المشير‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوي،‭ ‬الابن‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬الأسر‭ ‬النوبية‭ ‬البسيطة،‭ ‬حادثة‭ ‬عابرة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬طي‭ ‬مؤلم‭ ‬ومقبول‭ ‬بقضاء‭ ‬الله‭ ‬وقدره‭ ‬لصفحة‭ ‬مشرقة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬المصري،‭ ‬عنوانها‭ ‬التضحية‭ ‬والولاء‭ ‬والفداء،‭ ‬فالرجل‭ ‬المتواضع،‭ ‬والبسيط،‭ ‬والمحنك‭ ‬بميدانه،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يحب‭ ‬الظهور‭ ‬الإعلامي،‭ ‬فالأهداف‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬نصب‭ ‬عينه‭ ‬تجعل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬فتاتا‭ ‬ورغيا‭ ‬وهدرا‭ ‬للوقت،‭ ‬لذلك‭ ‬كانت‭ ‬قصص‭ ‬النجاح‭ ‬قادمة‭ ‬ومتعاظمة،‭ ‬بدأ‭ ‬من‭ ‬عمله‭ ‬كقائد‭ ‬وحدة‭ ‬مقاتلة‭ ‬بسلاح‭ ‬المشاة،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬تقلده‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬والإنتاج‭ ‬الحربي‭.‬

وللعلم‭ ‬شارك‭ ‬طنطاوي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬بكل‭ ‬الحروب‭ ‬المصيرية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وكان‭ ‬عنصراً‭ ‬مهما‭ ‬بها،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الثلاثي‭ ‬على‭ ‬مصر،‭ ‬ومرورا‭ ‬بحرب‭ ‬1967‭ ‬وحرب‭ ‬الاستنزاف‭ ‬وحرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيدة،‭ ‬وحرب‭ ‬الخليج‭ ‬الثانية،‭ ‬كما‭ ‬تخللها‭ ‬بالعمل‭ ‬الشاق،‭ ‬كقيادته‭ ‬الحرس‭ ‬الجمهوري‭ ‬والجيش‭ ‬المصري‭ ‬الثاني‭ ‬الميداني،‭ ‬والقوات‭ ‬المسلحة‭.‬

ووفقاً‭ ‬لموقع‭ ‬ويكيلكس،‭ ‬فقد‭ ‬وصفت‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬برقياتها‭ ‬عام‭ ‬2008‭ ‬طنطاوي،‭ ‬بأنه‭ ‬لطيف‭ ‬ومهذب،‭ ‬ومقاوم‭ ‬للتغيير،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬تحديداً،‭ ‬تتوضح‭ ‬جليا‭ ‬شخصية‭ ‬رجل‭ ‬كل‭ ‬الحروب،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يعي‭ ‬بذكائه‭ ‬الفطري‭ ‬النوايا‭ ‬الغربية‭ ‬الخبيثة‭ ‬والمتربصة‭ ‬بمصر‭ ‬وجيش‭ ‬مصر،‭ ‬وبأوطان‭ ‬العرب‭ ‬كلها‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير،‭ ‬رجلاً‭ ‬وطنيا‭ ‬حتى‭ ‬النخاع،‭ ‬بسيرة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُدرس‭ ‬بكل‭ ‬الكليات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وأستذكر‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬ذكره‭ ‬اللواء‭ ‬سمير‭ ‬فرج‭ ‬مدير‭ ‬الشؤون‭ ‬المعنوية‭ ‬الأسبق‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المصرية،‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬“طنطاوي‭ ‬أصدر‭ ‬أوامر‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع‭ ‬بعدم‭ ‬إطلاق‭ ‬رصاصة‭ ‬واحدة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬ابان‭ ‬ثورة‭ ‬يناير”‭.‬

ختاماً،‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المشير‭ ‬الراحل‭ ‬كان‭ ‬ملهماً‭ ‬لأقرانه‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حدود‭ ‬بلاده‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬التغلغل‭ ‬والاختراق،‭ ‬بمرحلة‭ ‬تسارع‭ ‬بها‭ ‬تطور‭ ‬الإنتاج‭ ‬الحربي‭ ‬المصري،‭ ‬ليطال‭ ‬كل‭ ‬الصناعات‭ ‬التقنية‭ ‬العسكرية،‭ ‬بحال‭ ‬هو‭ ‬فخر‭ ‬لكل‭ ‬أبناء‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬الآن،‭ ‬وبعد‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬المشير‭ ‬محمد‭ ‬حسين‭ ‬طنطاوي،‭ ‬وغفر‭ ‬له،‭ ‬وخالص‭ ‬التعازي‭ ‬نرفعها‭ ‬للقيادة‭ ‬المصرية‭ ‬والشعب‭ ‬المصري‭ ‬الشقيق‭.‬