ما وراء الحقيقة

المرأة في فكر طالبان

| د. طارق آل شيخان الشمري

لطالما‭ ‬شكلت‭ ‬المرأة‭ ‬مادة‭ ‬تنظيرية‭ ‬وقيمة‭ ‬دينية‭ ‬وفكرية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬في‭ ‬الحضارة‭ ‬والفكر‭ ‬الإنساني،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬البشرية‭ ‬تدوين‭ ‬وتوثيق‭ ‬تاريخها‭ ‬وفكرها‭ ‬وحضارتها،‭ ‬والمدارس‭ ‬الفلسفية‭ ‬والدينية‭ ‬اختلفت‭ ‬وتفاوتت‭ ‬في‭ ‬نظرتها‭ ‬ورؤيتها‭ ‬للمرأة،‭ ‬وقد‭ ‬يبدو‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬نظرة‭ ‬العصور‭ ‬الوسطى‭ ‬للمرأة‭ ‬قد‭ ‬انقرضت‭ ‬واختفت‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحقيقة‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬فحركة‭ ‬طالبان‭ ‬مازالت‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬الفلسفة‭ ‬والإطار‭ ‬ونظرة‭ ‬الانتقاص‭ ‬تجاه‭ ‬المرأة،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬لم‭ ‬يمارس‭ ‬أية‭ ‬عنصرية‭ ‬أو‭ ‬انتقاص‭ ‬للمرأة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرنا،‭ ‬ولا‭ ‬شأن‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬لديه‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬فكره،‭ ‬ويرى‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬ظلم‭ ‬المرأة‭.‬

إن‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الطالباني‭ ‬فلسفة‭ ‬مخالفة‭ ‬لما‭ ‬أقره‭ ‬الإسلام‭ ‬بحق‭ ‬المرأة،‭ ‬وحتى‭ ‬نبسط‭ ‬الأمر‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬أشرف‭ ‬البشر‭ ‬ولأمانته‭ ‬وحسن‭ ‬خلقه،‭ ‬اختارته‭ ‬السيدة‭ ‬خديجة‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها‭ ‬لتأتمنه‭ ‬على‭ ‬تجارتها‭ ‬لثقتها‭ ‬به،‭ ‬ولم‭ ‬ينكر‭ ‬سيد‭ ‬البشر‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬الصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بهذا‭ ‬المنصب‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬تجارة‭ ‬السيدة‭ ‬خديجة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تجده‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬زعماء‭ ‬طالبان،‭ ‬حيث‭ ‬سيشعر‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬تارة‭ ‬بالعار‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬بالنقص‭ ‬وثالثة‭ ‬بالإهانة‭ ‬إن‭ ‬أصبح‭ ‬وكيلا‭ ‬لتجارة‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬زوجته‭ ‬أو‭ ‬مؤتمنا‭ ‬على‭ ‬أعمالها‭ ‬التجارية،‭ ‬كذلك‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سيدات‭ ‬العرب‭ ‬ونساء‭ ‬آل‭ ‬البيت‭ ‬عليهم‭ ‬السلام‭ ‬والصحابة‭ ‬رضوان‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬يحضين‭ ‬بها‭ ‬لدى‭ ‬المجتمع‭ ‬الذكوري‭ ‬المسلم،‭ ‬توجه‭ ‬صفعة‭ ‬قوية‭ ‬لمجتمع‭ ‬طالبان‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬عورة‭ ‬ما‭ ‬خلقت‭ ‬إلا‭ ‬للبيت‭ ‬بشقيه‭ ‬الأبناء‭ ‬والرجل‭.‬

إن‭ ‬نظرة‭ ‬طالبان‭ ‬للمرأة‭ ‬لا‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬أوامر‭ ‬إلهية‭ ‬ربانية‭ ‬بمنع‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والدراسة‭ ‬والتعلم‭ ‬وممارسة‭ ‬إدارة‭ ‬حياتها‭ ‬بالمجتمع،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬نظرة‭ ‬دونية،‭ ‬وهناك‭ ‬مشكلة‭ ‬وخلل‭ ‬فكري‭ ‬تعاني‭ ‬منه‭ ‬فلسفة‭ ‬طالبان،‭ ‬فهم‭ ‬جعلوا‭ ‬التشدد‭ ‬مقدما‭ ‬على‭ ‬المبادئ‭ ‬الإسلامية‭.‬