ومضة قلم

واقع المعلقات

| محمد المحفوظ

الأعداد‭ ‬المقدرة‭ ‬للمعلقات‭ ‬طبقا‭ ‬لإحصائية‭ ‬صدرت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬بالآلاف،‭ ‬جراحهن‭ ‬تنزف‭ ‬من‭ ‬الألم،‭ ‬يتجلدن‭ ‬بالصبر‭ ‬والأمل‭ ‬لعلّ‭ ‬المستقبل‭ ‬يحمل‭ ‬لهن‭ ‬البشارة‭. ‬المحزن‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يسمع‭ ‬صرخاتهنّ،‭ ‬وسنوات‭ ‬الانتظار‭ ‬للكثيرات‭ ‬قاربت‭ ‬العشر،‭ ‬والواقع‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬الأحوال‭ ‬لم‭ ‬يطرأ‭ ‬عليها‭ ‬أي‭ ‬تغيير،‭ ‬حيث‭ ‬استنجدن‭ ‬بالاتحاد‭ ‬النسائيّ‭ ‬ورغم‭ ‬تحرك‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬إلاّ‭ ‬أنّ‭ ‬الحال‭ ‬بقي‭ ‬كما‭ ‬هو‭.‬

السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬المنطق‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬قضايا‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬دون‭ ‬حسم؟‭ ‬قبيل‭ ‬سنوات‭ ‬كنا‭ ‬نلقي‭ ‬باللائمة‭ ‬لما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬المرأة‭ ‬المعلقة‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬وحتى‭ ‬ضرب‭ ‬مبرح‭ ‬على‭ ‬غياب‭ ‬قانون‭ ‬الأحوال‭ ‬الشخصية،‭ ‬إلا‭ ‬أنّه‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬خرج‭ ‬القانون‭ ‬إلى‭ ‬النور‭ ‬وغمرت‭ ‬الفرحة‭ ‬الكثيرات،‭ ‬لم‭ ‬يطرأ‭ ‬على‭ ‬أوضاعهن‭ ‬شيء،‭ ‬ونظرا‭ ‬للآلام‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية‭ ‬التي‭ ‬تئن‭ ‬منها‭ ‬الكثيرات‭ ‬ونفاد‭ ‬صبرهن‭ ‬وانقطاع‭ ‬حبل‭ ‬الأمل،‭ ‬فإنّ‭ ‬بعضهن‭ ‬لجأن‭ ‬إلى‭ ‬المشعوذين‭ ‬كطريق‭ ‬للخلاص‭ ‬من‭ ‬عذابات‭ ‬مستفحلة،‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭ ‬أخصائية‭ ‬العلاج‭ ‬والإرشاد‭ ‬النفسيّ‭ ‬والسلوكيّ‭ ‬بمركز‭ ‬بتلكو‭ ‬لرعاية‭ ‬حالات‭ ‬العنف‭ ‬الأسري‭ ‬شريفة‭ ‬سوار‭.‬

المأساة‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬المعلقات‭ ‬ليست‭ ‬وقفا‭ ‬عليهنّ‭ ‬وحدهنّ،‭ ‬بل‭ - ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتوقعه‭ ‬أي‭ ‬عاقل‭ - ‬يكون‭ ‬الأطفال‭ ‬عرضة‭ ‬للإهمال‭ ‬من‭ ‬الرعاية‭ ‬الأبوية‭. ‬ونتيجة‭ ‬لبقاء‭ ‬الكثيرات‭ ‬دون‭ ‬حسم‭ ‬من‭ ‬المحاكم،‭ ‬فإنّ‭ ‬هناك‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الأزواج‭ ‬تتنصل‭ ‬من‭ ‬الواجبات‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬والأحكام‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬بالنفقة،‭ ‬وفي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬فإنّ‭ ‬العبء‭ ‬بأكمله‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬كاهلهن‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يتحمله‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬واجبات‭ ‬أسرية‭.‬

الذي‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬الدهشة‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬اللامسؤولة‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتبّرر‭ ‬للأزواج‭ ‬سلوكياتهم‭ ‬وتحمل‭ ‬الزوجة‭ ‬كل‭ ‬المسؤولية،‭ ‬كالقول‭ ‬“لابد‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬سببا‭ ‬لإقدام‭ ‬الزوج‭ ‬على‭ ‬الضرب‭! ‬ومثل‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬الجائر‭ ‬لا‭ ‬يصدر‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬عقلية‭ ‬ذكورية‭ ‬صرفة،‭ ‬والمثال‭ ‬الآخر‭ ‬لزوج‭ ‬رفض‭ ‬التطليق‭ ‬إلا‭ ‬مقابل‭ ‬12‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭! ‬ألا‭ ‬يدل‭ ‬هذا‭ ‬على‭ ‬ظلم‭ ‬وإجحاف‭ ‬كبير‭ ‬بحق‭ ‬المرأة‭.‬