نقطة ارتكاز

السعودية حصن العروبة

| د. غسان محمد عسيلان

في‭ ‬الثالث‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تمر‭ ‬بنا‭ ‬ذكرى‭ ‬اليوم‭ ‬الوطني‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وهي‭ ‬مناسبة‭ ‬غالية‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬كل‭ ‬عربي‭ ‬نظرًا‭ ‬لما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬المملكة‭ ‬من‭ ‬مكانة‭ ‬روحيَّة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬جميع‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين؛‭ ‬فهي‭ ‬مهبط‭ ‬الوحي،‭ ‬وأرض‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين‭ ‬أعز‭ ‬مقدسات‭ ‬المسلمين‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬تحلُّ‭ ‬علينا‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى‭ ‬الغالية‭ ‬وأمتنا‭ ‬العربية‭ ‬والعالم‭ ‬يشهدان‭ ‬تقلبات‭ ‬كثيرة‭ ‬بسبب‭ ‬أفول‭ ‬نظام‭ ‬عالمي‭ ‬قديم‭ ‬وبزوغ‭ ‬نظام‭ ‬آخر‭ ‬لم‭ ‬تتشكل‭ ‬ملامحه‭ ‬بعد،‭ ‬وفي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬وعدم‭ ‬اليقين‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬تتفكك‭ ‬تحالفات،‭ ‬وتنشأ‭ ‬تحالفات‭ ‬أخرى،‭ ‬وتُعيد‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬تموضعها‭ ‬قربًا‭ ‬أو‭ ‬بعدًا‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬التحكم‭ ‬ومراكز‭ ‬الصراعات‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬يتشكَّل‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬الغيب،‭ ‬ولم‭ ‬تتبلور‭ ‬ملامحه‭ ‬بعد‭.‬

ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الحرجة‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬مكامن‭ ‬قوتها‭ ‬حفاظًا‭ ‬على‭ ‬مصالحها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المناخ‭ ‬السياسي‭ ‬العالمي‭ ‬المتقلب،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬تُمثِّل‭ ‬مرتكزًا‭ ‬عربيًّا‭ ‬مهمًّا‭ ‬ومفصليًّا‭ ‬بسبب‭ ‬مكانتها‭ ‬الروحية‭ ‬الهائلة،‭ ‬وقوتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبيرة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬المتنامية؛‭ ‬إذ‭ ‬تُعد‭ ‬بحسب‭ ‬الدراسات‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الثانية‭ ‬عربيًّا‭ ‬والقوة‭ ‬السابعة‭ ‬عشرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭.‬

وفي‭ ‬ذكرى‭ ‬اليوم‭ ‬الوطني‭ ‬الحادي‭ ‬والتسعين‭ ‬للمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬يفخر‭ ‬كل‭ ‬عربي‭ ‬بما‭ ‬تحقق‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬من‭ ‬نمو‭ ‬وتنمية‭ ‬شاملة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬حتى‭ ‬صارت‭ ‬إحدى‭ ‬دول‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬صاحبة‭ ‬أقوى‭ ‬اقتصادات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬تزايد‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬40‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬بحسب‭ ‬التقديرات‭ ‬الإحصائية،‭ ‬وتسعى‭ ‬المملكة‭ ‬بخطى‭ ‬منتظمة‭ ‬لتوطين‭ ‬التقنية،‭ ‬ودخول‭ ‬المجالات‭ ‬العلمية‭ ‬الحديثة‭ ‬مثل‭ ‬علوم‭ ‬الفضاء‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وتمكَّنت‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬قاعدة‭ ‬صناعية‭ ‬قوية‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصناعات‭ ‬الوطنية‭ ‬المدنية‭ ‬أو‭ ‬العسكرية،‭ ‬كما‭ ‬يشهد‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬النفطي‭ ‬فيها‭ ‬نموًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬ولله‭ ‬الحمد‭.‬

وأكثر‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬العرب‭ ‬جميعًا‭ ‬يعتزون‭ ‬بقوة‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ونهضتها‭ ‬الحديثة‭ ‬أنهم‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬تامة‭ ‬بأنها‭ ‬ستبقى‭ ‬دومًا‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬حصن‭ ‬العروبة‭ ‬الحصين‭ ‬الذي‭ ‬يُقدم‭ ‬كل‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬لكل‭ ‬القضايا‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭.‬