ستة على ستة

مواقع التواصل ومخاطر الترويج للأكاذيب

| عطا السيد الشعراوي

وكأن‭ ‬المواجهات‭ ‬والصعوبات‭ ‬التي‭ ‬نواجهها‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬تكفي،‭ ‬فإذا‭ ‬بمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتطبيقاتها‭ ‬المختلفة‭ ‬تفرض‭ ‬علينا‭ ‬مواجهة‭ ‬جديدة‭ ‬وشرسة‭ ‬وتمتد‭ ‬بآثارها‭ ‬وتداعياتها‭ ‬إلى‭ ‬أطفالنا‭ ‬والأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬فلا‭ ‬نكاد‭ ‬نتقن‭ ‬تطبيقًا‭ ‬حتى‭ ‬يظهر‭ ‬لنا‭ ‬آخر‭ ‬يحتاج‭ ‬لفترة‭ ‬لفك‭ ‬طلاسمه‭ ‬وفهم‭ ‬مضمونه‭.‬

هذه‭ ‬المواقع‭ ‬باتت‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مصادر‭ ‬الأخبار‭ ‬لدى‭ ‬الكثيرين،‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يطيقون‭ ‬القراءة‭ ‬ولا‭ ‬يصبرون‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬التحليلات‭ ‬أو‭ ‬المقالات‭ ‬الرصينة‭ ‬بشأن‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬معرفتها،‭ ‬ويكتفون‭ ‬بالأخبار‭ ‬السريعة‭ ‬دون‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمصدرها‭ ‬أو‭ ‬التوقف‭ ‬والتمعن‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬صحتها‭.‬

فوفقا‭ ‬لموقع‭ ‬“دويتشه‭ ‬فيله”،‭ ‬بينت‭ ‬دراسة‭ ‬نشرها‭ ‬مركز‭ ‬مواجهة‭ ‬الكراهية‭ ‬الرقمية،‭ ‬ومقره‭ ‬لندن،‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬إنستغرام‭ ‬الخاص‭ ‬بالصور‭ ‬لا‭ ‬يقف‭ ‬فقط‭ ‬عاجزا‭ ‬أمام‭ ‬تنامي‭ ‬المحتوى‭ ‬المضلل،‭ ‬بل‭ ‬تساهم‭ ‬خوارزمياته‭ ‬في‭ ‬انتشاره‭ ‬وتقترحه‭ ‬على‭ ‬المتابعين،‭ ‬مستشهدة‭ ‬بالموضوع‭ ‬الأهم‭ ‬والأخطر‭ ‬حاليا‭ ‬وهو‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬إذ‭ ‬قام‭ ‬الباحثون‭ ‬بإنشاء‭ ‬حسابات‭ ‬إنستغرام‭ ‬جديدة،‭ ‬وقاموا‭ ‬بمتابعة‭ ‬حسابات‭ ‬معينة‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬تابع‭ ‬للسلطات‭ ‬الصحية‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬يخصّ‭ ‬رافضي‭ ‬التطعيم،‭ ‬كما‭ ‬سجلوا‭ ‬كلّ‭ ‬المعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬التي‭ ‬تقترحها‭ ‬عليهم‭ ‬خوارزميات‭ ‬التطبيق‭ ‬في‭ ‬واجهة‭ ‬الاستقبال،‭ ‬واكتشفوا‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬نصف‭ ‬المعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬كانت‭ ‬حول‭ ‬كورونا،‭ ‬وحوالي‭ ‬الخمس‭ ‬حول‭ ‬التطعيمات،‭ ‬وعشرها‭ ‬حول‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأميركية،‭ ‬ولاحظوا‭ ‬اقتراحات‭ ‬من‭ ‬التطبيق‭ ‬لمتابعة‭ ‬نظريات‭ ‬للمؤامرة‭ ‬ضد‭ ‬التطعيم‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬أميركية‭ ‬متطرفة،‭ ‬وأن‭ ‬التطبيق‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬إظهار‭ ‬المعلومة‭ ‬المضللة‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬يعلم‭ ‬مضمونها،‭ ‬محذرين‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬متابعة‭ ‬حساب‭ ‬للمعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬يفضي‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬إلى‭ ‬اقتراح‭ ‬متابعة‭ ‬حسابات‭ ‬أخرى‭ ‬تابعة‭.‬

بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬“إنستغرام”‭ ‬يحدث‭ ‬بصورة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬في‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬التطبيقات‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬انحرفت‭ ‬عن‭ ‬جدواها‭ ‬وكادت‭ ‬تفقد‭ ‬معناها‭ ‬وتتحول‭ ‬من‭ ‬تواصل‭ ‬اجتماعي‭ ‬إلى‭ ‬فواصل‭ ‬وحواجز‭ ‬عن‭ ‬الواقعية‭ ‬والموضوعية،‭ ‬بسبب‭ ‬انعدام‭ ‬الضمائر‭ ‬وسوء‭ ‬المقاصد‭ ‬ونفاذ‭ ‬بعض‭ ‬الخبثاء‭ ‬لهذه‭ ‬التطبيقات‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافهم‭ ‬وبلوغ‭ ‬مطامعهم‭.‬