التوجه السعودي لملء الفراغ الأميركي

| بدور عدنان

ترتبط‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬مضت‭ ‬بعلاقة‭ ‬مميزة‭ ‬وشراكة‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية،‭ ‬وينبع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬إدراك‭ ‬الطرفين‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬للآخر،‭ ‬فواشنطن‭ ‬رغم‭ ‬اهتزاز‭ ‬مكانتها‭ ‬الدولية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مازالت‭ ‬تحتفظ‭ ‬بدورها‭ ‬كمحرك‭ ‬للسياسات‭ ‬الدولية،‭ ‬وعلى‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬تيقن‭ ‬وتعترف‭ ‬واشنطن‭ ‬بالثقل‭ ‬الذي‭ ‬تشكله‭ ‬المملكة‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الدولية‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬امتداد‭ ‬تاريخي‭ ‬وقوة‭ ‬اقتصادية‭.‬

توتر‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬أي‭ ‬فاعلين‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الدولية‭ ‬أمر‭ ‬شبه‭ ‬طبيعي،‭ ‬فلكل‭ ‬دولة‭ ‬سياستها‭ ‬الخاصة‭ ‬تجاه‭ ‬أية‭ ‬قضية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتقاطع‭ ‬مع‭ ‬موقف‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬لحد‭ ‬الإضرار‭ ‬بالمصلحة‭ ‬القومية‭ ‬لدول‭ ‬أخرى،‭ ‬واشنطن‭ ‬التي‭ ‬أعادت‭ ‬توجيه‭ ‬دفتها‭ ‬تجاه‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬تاركة‭ ‬خلفها‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬لاعبا‭ ‬أساسيا‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬خياراً‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬بديل‭ ‬والتحالف‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬إقليمية‭ ‬أخرى،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الرياض‭ ‬بعد‭ ‬مواقف‭ ‬واشنطن‭ ‬الأخيرة‭ ‬ضد‭ ‬المملكة،‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬آخرها‭ ‬في‭ ‬سحب‭ ‬بطاريات‭ ‬الباتريوت‭ ‬الدفاعية‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬الهجوم‭ ‬الحوثي‭ ‬الإيراني،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الرياض‭ ‬تعزز‭ ‬تعاونها‭ ‬العسكري‭ ‬مع‭ ‬موسكو،‭ ‬سعياً‭ ‬منها‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬متوقع‭ ‬لاستقطاب‭ ‬S400،‭ ‬وهي‭ ‬المنظومة‭ ‬المتطورة‭ ‬التي‭ ‬توازي‭ ‬المنظومة‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬سحبتها‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬الرياض‭.‬

وأدركت‭ ‬المملكة‭ ‬أهمية‭ ‬تنويع‭ ‬سلة‭ ‬تحالفاتها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬ليست‭ ‬بسيطة،‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬تذبذب‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬تغيير‭ ‬يطال‭ ‬الإدارة‭ ‬الأميركية،‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬المملكة‭ ‬خطت‭ ‬خطوات‭ ‬كبيرة‭ ‬نحو‭ ‬توسيع‭ ‬دائرة‭ ‬شركائها‭ ‬الدوليين،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬قراءته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬عاهل‭ ‬المملكة‭ ‬الملك‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬لروسيا‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬إضافة‭ ‬لزيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬المملكة‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬توجه‭ ‬الرياض‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬تحالفات‭ ‬استراتيجية‭ ‬جديدة‭ ‬وتعزيز‭ ‬القائمة‭ ‬منها‭.‬

ويرى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبوظبي‭ ‬لباريس‭ ‬تتمحور‭ ‬حول‭ ‬تعاون‭ ‬عسكري‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التزود‭ ‬بالعتاد‭ ‬الفرنسي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭ ‬توازياً‭ ‬مع‭ ‬خطوات‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭ ‬وتنويع‭ ‬التحالفات‭ ‬الدولية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬طالت‭ ‬الإمارات‭ ‬تأثيرات‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأميركي‭.‬