التعليم العالي وتحديات المرحلة

| د. عبدالله الحواج

لم‭ ‬تأت‭ ‬الرياح‭ ‬كما‭ ‬تشتهي‭ ‬السفن،‭ ‬لكنها‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬تشتهيها‭ ‬الرياح‭.‬

هكذا‭ ‬هو‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬تحديات‭ ‬المرحلة‭ ‬وكل‭ ‬مرحلة،‭ ‬وهكذا‭ ‬هي‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬المملكة‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬مربط‭ ‬فرس‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬2030‭ ‬التي‭ ‬دشنها‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬هي‭ ‬المقصد،‭ ‬وهي‭ ‬المرتجى،‭ ‬مملكة‭ ‬الخدمات‭ ‬الممتازة،‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬أسمى‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬لكي‭ ‬يتقلد‭ ‬حق‭ ‬السبق‭ ‬والمشاركة‭ ‬لكي‭ ‬تعلو‭ ‬مملكتنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬فوق‭ ‬المنصات،‭ ‬ولترتفع‭ ‬أعلام‭ ‬الوطن‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمجالات،‭ ‬وليكون‭ ‬فتحًا‭ ‬مبينًا،‭ ‬وتعليمًا‭ ‬أمينًا،‭ ‬وخطوات‭ ‬متأتية،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬اتبعت‭ ‬سياسة‭ ‬الخطوة‭ ‬خطوة‭ ‬مثلما‭ ‬فعلت‭ ‬أستراليا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬ونيوزيلندا‭.‬

مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بوسطن‭ ‬الخليج،‭ ‬ويمكنها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬للدارسين‭ ‬الأجانب‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬والمنطقة‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬بحق‭ ‬مثل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬سبقتها،‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الأمم‭ ‬التي‭ ‬حققت‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬عائدات‭ ‬مذهلة‭.‬

أستراليا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬قامت‭ ‬بتعيين‭ ‬وزير‭ ‬لشؤون‭ ‬الطلبة‭ ‬الوافدين‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬وأستراليا‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬كان‭ ‬عائدها‭ ‬السنوي‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الطلبة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬أميركي‭ ‬ارتفعت‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬بجامعاتها‭ ‬الخاصة‭ ‬المعتمدة‭ ‬والمعروفة‭ ‬حققت‭ ‬تقريبًا‭ ‬نفس‭ ‬الرقم،‭ ‬وبريطانيا‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬الأمرَّين‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬بل‭ ‬وتتجاوز‭ ‬سقف‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬الوافدين،‭ ‬وربما‭ ‬تناهز‭ ‬رقم‭ ‬الـ‭ ‬40‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬معدودات‭.‬

ونحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ندرك‭ ‬تمامًا‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق،‭ ‬ونعرف‭ ‬أن‭ ‬تصويب‭ ‬الرؤى‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬لكي‭ ‬يقول‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬شأنه‭ ‬الأكاديمي‭ ‬المرعي،‭ ‬وأن‭ ‬يساهم‭ ‬مع‭ ‬مجلس‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬وهيئة‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬إستراتيجية‭ ‬مُلزمة‭ ‬ومعنونة‭ ‬بتاريخ‭ ‬ولوائح‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة‭ ‬للتعليم‭ ‬العالي،‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬وضع‭ ‬النقاط‭ ‬فوق‭ ‬الحروف‭ ‬وتحتها،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬للجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬فيها‭ ‬دور‭ ‬الممهد‭ ‬والمُعد‭ ‬والمُجهز‭ ‬لصياغة‭ ‬مفردات‭ ‬جديدة‭ ‬تشجع‭ ‬المستثمرين‭ ‬على‭ ‬الانخراط‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يعمل‭ ‬دون‭ ‬طاقته‭ ‬الاستيعابية،‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬التحرك‭ ‬لدعم‭ ‬الجامعات‭ ‬الحكومية‭ ‬أكثر‭ ‬بروزًا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬للجامعات‭ ‬الخاصة،‭ ‬جميعها‭ ‬جامعات‭ ‬وطنية،‭ ‬وجميعها‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬البحرين‭ ‬عاليًا‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬والكثير‭ ‬منها‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬اجتياز‭ ‬تزكيات‭ ‬وضوابط‭ ‬الجودة،‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬الاعتمادية‭ ‬الأكاديمية‭ ‬المعتبرة،‭ ‬يبقى‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬تمنح‭ ‬جامعاتنا‭ ‬الخاصة‭ ‬ما‭ ‬تحصل‭ ‬عليه‭ ‬الجامعات‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬تسهيلات،‭ ‬من‭ ‬برامج‭ ‬ومقررات،‭ ‬من‭ ‬تسويق‭ ‬مستحق‭ ‬لدى‭ ‬حكومات‭ ‬المنطقة،‭ ‬حتى‭ ‬يعود‭ ‬الطلبة‭ ‬الأشقاء‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬وخارجها‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬للدراسة،‭ ‬لتلقي‭ ‬العلوم‭ ‬والآداب‭ ‬والفنون،‭ ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬كما‭ ‬الآخرين،‭ ‬نحقق‭ ‬للدخل‭ ‬القومي‭ ‬وللناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬أستراليا،‭ ‬ولِمَ‭ ‬لا؟‭! ‬نحن‭ ‬نمتلك‭ ‬من‭ ‬البُنى‭ ‬الأساسية‭ ‬والتقنيات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والجامعات‭ ‬المعتمدة‭ ‬والإطار‭ ‬الرقابي‭ ‬والإشرافي‭ ‬المتقدم‭ ‬جدًا‭ ‬ما‭ ‬يؤهلنا‭ ‬لكي‭ ‬نستقبل‭ ‬20‭ ‬أو‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬طالب‭ ‬وافد‭ ‬سنويًا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحقق‭ ‬لنا‭ ‬دخلًا‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬مليارَي‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬سنويًا‭ ‬قابلة‭ ‬للزيادة‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت‭.‬

أستراليا‭ ‬أو‭ ‬أميركا‭ ‬أو‭ ‬بريطانيا‭ ‬أو‭ ‬نيوزيلندا‭ ‬لم‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬فراغ‭ ‬ولم‭ ‬تنته‭ ‬إليه،‭ ‬لكنها‭ ‬اعتمدت‭ ‬على‭ ‬إرادة‭ ‬مخطط،‭ ‬وبصيرة‭ ‬دولة،‭ ‬وقدرة‭ ‬قطاع‭ ‬خاص،‭ ‬ثم‭ ‬حصان‭ ‬عفي‭ ‬أمام‭ ‬عربة‭ ‬قديرة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬نملكه‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬وفضله،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬والمستعان‭.‬