العقوبة البديلة.. الانطلاق إلى مرحلة عطاء

| عادل عيسى المرزوق

حين‭ ‬شاهد‭ ‬الكثيرون‭ ‬منا‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬والأخبار‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬والمواقع‭ ‬وحسابات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬فرحة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشمولين‭ ‬بالعقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬ولقاءاتهم‭ ‬مع‭ ‬ذويهم،‭ ‬لاشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬دمعت‭ ‬عيناه‭ ‬فرحًا‭.. ‬وهنا‭ ‬نقصد‭ ‬آباء‭ ‬وأمهات‭ ‬المشمولين‭ ‬وذويهم،‭ ‬ورأينا‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الارتياح‭ ‬والغبطة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وهذا‭ ‬جوهر‭ ‬توجيهات‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى،‭ ‬وصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظهما‭ ‬الله،‭ ‬فتلك‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فقط‭ ‬توجيهات‭ ‬ترسخ‭ ‬أهمية‭ ‬الاستقرار‭ ‬المجتمعي‭ ‬والأسري‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬حركة‭ ‬واعدة‭ ‬لتطوير‭ ‬التشريعات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬والنظام‭ ‬وحفظ‭ ‬الحقوق‭ ‬وبالتالي،‭ ‬ربطها‭ ‬بنظرة‭ ‬إصلاحية‭ ‬حضارية‭ ‬تعيشها‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭.‬

وسمعنا‭ ‬أيضًا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الأهالي‭ ‬بشأن‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬وشكرهم‭ ‬إلى‭ ‬القيادة‭ ‬حفظها‭ ‬الله،‭ ‬وإلى‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬الفريق‭ ‬الركن‭ ‬أول‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬وفريق‭ ‬العمل‭ ‬معه،‭ ‬فالوزير‭ ‬له‭ ‬منظوره‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬وجاءت‭ ‬ثمرته‭ ‬في‭ ‬المرسوم‭ ‬الملكي‭ ‬رقم‭ ‬24‭ ‬لسنة‭ ‬2021،‭ ‬وقد‭ ‬وصفه‭ ‬الوزير‭ ‬بأنه‭ ‬“يشكل‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الإصلاحية‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬انعكاسات‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬بمثابة‭ ‬مشروع‭ ‬وطني‭ ‬حضاري‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬إيمان‭ ‬جلالته‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بضرورة‭ ‬حماية‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ومساندة‭ ‬من‭ ‬حاد‭ ‬عن‭ ‬الصواب‭ ‬وارتكب‭ ‬مخالفات‭ ‬قانونية‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬للمجتمع‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬مسيرته‭ ‬ومساعدته‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬الظروف‭ ‬غير‭ ‬المواتية‭ ‬والانطلاق‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬الوطني‭ ‬والاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع”‭. ‬

ولعل‭ ‬هذه‭ ‬الأداة‭ ‬التشريعية‭ ‬اليوم‭ ‬أصبحت‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حماية‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الإنجازات‭ ‬التشريعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬الرؤية‭ ‬الحكيمة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إذ‭ ‬حاففظ‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬مظاهر‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاحتواء‭ ‬عبر‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬شمل‭ ‬الأسر‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬التفكك‭.‬

إن‭ ‬روح‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البديلة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬الفرصة‭ ‬الكاملة‭ ‬للمحكومين‭ ‬للنهوض‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وتأهيلهم‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الطبيعية‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬الطابع‭ ‬الأصيل‭ ‬للشعب‭ ‬البحريني‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬نقلة‭ ‬حضارية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بقيادة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬ولم‭ ‬يغفل‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬أدق‭ ‬التفاصيل،‭ ‬بل‭ ‬جاء‭ ‬موضحًا‭ ‬لأدق‭ ‬الجزئيات‭ ‬ومراعيًا‭ ‬للحالات‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬تقبع‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬العوز،‭ ‬فأعطى‭ ‬للجهات‭ ‬المختصة‭ ‬صلاحية‭ ‬تطبيقه‭ ‬إذا‭ ‬ثبت‭ ‬عجز‭ ‬المحكوم‭ ‬عليه‭ ‬ماديا‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مؤديا‭ ‬للالتزامات‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬ترتبت‭ ‬عليه‭ ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬تجسيدًا‭ ‬فعليًا‭ ‬لتعزيز‭ ‬أواصر‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وإعادة‭ ‬الحياة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

حري‭ ‬بنا‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬جهود‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬الوطني‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يجمعنا‭ ‬كلنا‭ ‬كمواطنين‭ ‬ومسؤولين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الجهود؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬لبلادنا‭ ‬الغالية،‭ ‬ولا‭ ‬يسعنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬اللفتة‭ ‬الكريمة‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬المفدى‭ ‬تعكس‭ ‬حرصه‭ ‬على‭ ‬جني‭ ‬ثمار‭ ‬رؤاه‭ ‬يانعة‭ ‬طيبة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أبناء‭ ‬شعبه‭ ‬واحتضانه‭ ‬لهم؛‭ ‬لأنهم‭ ‬عماد‭ ‬الوطن‭ ‬والساعين‭ ‬لنهضته‭.‬