لمحات

العمل في الإجازة

| د.علي الصايغ

تعد‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬العادات‭ ‬والثقافة‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬مقياساً‭ ‬للتمحيص‭ ‬والمقارنات،‭ ‬وتصنيفات‭ ‬الأفضل‭ ‬وغير‭ ‬المناسب،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الخطأ‭ ‬والصواب‭.‬

في‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬سابق،‭ ‬كنت‭ ‬أعتبر‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬القلائل‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬إجازاتهم،‭ ‬فلا‭ ‬مانع‭ ‬لديهم‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬حبي‭ ‬للعمل،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬الإبداعي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الكتابة‭ ‬أو‭ ‬المجال‭ ‬الفني‭ ‬عموماً‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬له‭ ‬أوقات‭ ‬محددة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬طرحت‭ ‬سؤالاً‭ ‬عابراً‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مفاده‭ ‬“هل‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة؟”،‭ ‬وأعني‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬إجازتك‭ ‬الأسبوعية،‭ ‬الإجازة‭ ‬التي‭ ‬اعتاد‭ ‬فيها‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬على‭ ‬الجلوس‭ ‬مع‭ ‬الأهل،‭ ‬وقضاء‭ ‬أوقات‭ ‬هادئة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬زحمة‭ ‬العمل‭ ‬ومنغصاته‭ ‬الطبيعية‭.‬

وأكدت‭ ‬أغلبية‭ ‬التفاعلات‭ ‬إمكانية‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك،‭ ‬وأنه‭ ‬وارد،‭ ‬بل‭ ‬يعد‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬اعتيادياً‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬دعت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ولفتني‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ارتباطا‭ ‬وثيقا‭ ‬بين‭ ‬مجال‭ ‬تخصص‭ ‬المتابعين‭ ‬ودلالات‭ ‬إجاباتهم‭ ‬بنعم‭ ‬أو‭ ‬استحالة‭ ‬وقوع‭ ‬ذلك‭.‬

في‭ ‬الواقع،‭ ‬تحتم‭ ‬بعض‭ ‬المهن‭ ‬والوظائف‭ ‬كسر‭ ‬حاجز‭ ‬الإجازات،‭ ‬فتجعل‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مباحا‭ ‬للعمل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬بريطانيا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬حيث‭ ‬يستحيل‭ ‬في‭ ‬المقياس‭ ‬العام‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬الموظف‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬إجازته،‭ ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬الرئيس‭ ‬من‭ ‬مرؤوسه‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬الإجازة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مجرد‭ ‬الاتصال‭ ‬به؛‭ ‬إذ‭ ‬يعد‭ ‬ذلك‭ ‬تعكيراً‭ ‬لصفو‭ ‬إجازته،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أنهم‭ ‬يتقاضون‭ ‬أجورهم‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬أسبوع‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬عليهم‭ ‬إجازة‭ ‬الأسبوع‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬مالاً‭ ‬يستغلونه‭ ‬لقضاء‭ ‬إجازتهم‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي‭.‬

ولست‭ ‬متأكداً‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ولا‭ ‬أظن‭ ‬غالبية‭ ‬معشر‭ ‬العاشقين‭ ‬للعمل‭ ‬متأكدين،‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬مرونتهم‭ ‬هذه‭ ‬وتقبلهم‭ ‬المختلف‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الإجازة‭ ‬صائباً‭ ‬أم‭ ‬لا‭.‬