ياسمينيات

والكيس الذي في بطني؟

| ياسمين خلف

عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بصحة‭ ‬الأفراد،‭ ‬فإن‭ ‬المماطلة‭ ‬والتسويف‭ ‬يعنيان‭ ‬المجازفة‭ ‬بحياة‭ ‬البشر،‭ ‬خصوصاً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بأدوية‭ ‬الأمراض‭ ‬المميتة‭ ‬أو‭ ‬المزمنة،‭ ‬وذلك‭ ‬يعني‭ ‬تحمل‭ ‬الألم‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬مبرحاً،‭ ‬ويعني‭ ‬كذلك‭ ‬عرقلة‭ ‬حياة‭ ‬المرضى‭ ‬اليومية‭ ‬والعيش‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬طبيعي،‭ ‬وإجازات‭ ‬مرضية‭ ‬واعتزالا‭ ‬للحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وملازمة‭ ‬الفراش‭ ‬لأيام‭ ‬وربما‭ ‬شهور‭! ‬هذا‭ ‬طبعاً‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬المرضى‭ ‬حياتهم‭.  ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬مريض‭ ‬أورام‭ ‬يحمل‭ ‬كيساً‭ ‬في‭ ‬بطنه،‭ ‬“خاص‭ ‬بالخروج”،‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭ ‬كامل‭ ‬بعد‭ ‬انتهائه‭ ‬من‭ ‬جرعة‭ ‬الكيماوي،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬داع؟‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬الدواء‭ ‬الخاص‭ ‬بالأشعة‭ ‬غير‭ ‬متوافر‭ ‬في‭ ‬مخازن‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭! ‬ماذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬مريضة‭ ‬التصلب‭ ‬اللويحي‭ ‬المتعدد‭ ‬بلا‭ ‬دواء‭ ‬لمدة‭ ‬أشهر‭ ‬لأنه‭ ‬غير‭ ‬متوافر‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬صيدليات‭ ‬الوزارة؟‭ ‬والأطباء‭ ‬يعرفون‭ ‬تمام‭ ‬المعرفة‭ ‬أنه‭ ‬مرض‭ ‬شرس‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬المريض‭ ‬بجرعاته‭ ‬الدوائية‭ ‬والوريدية،‭ ‬وبشكل‭ ‬منتظم‭ ‬سيعاقب‭ ‬المريض‭ ‬وسيهاجمه‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭ ‬ورحمة‭. ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نشكوا‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬أدوية‭ ‬الأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬والمميتة‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬صيدليات‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة؟‭ ‬متى‭ ‬يقتنع‭ ‬المسؤولون‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬بضرورة‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬لتوفير‭ ‬الأدوية‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬ودائم‭ ‬في‭ ‬المخازن،‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬مريض‭ ‬ويقف‭ ‬في‭ ‬طابور‭ ‬الصيدلية‭ ‬ليسأل‭ ‬عن‭ ‬دواء،‭ ‬وتأتيه‭ ‬الإجابة‭ ‬المحبطة‭ ‬والقاضية‭ ‬بأنه‭ ‬غير‭ ‬متوافر‭ ‬وعليه‭ ‬الانتظار‭! ‬ولا‭ ‬يعلم‭ ‬لا‭ ‬هو،‭ ‬ولا‭ ‬موظف‭ ‬الصيدلية‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬الوزارة‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬عليه‭ ‬الانتظار،‭ ‬ومتى‭ ‬سيأتي‭ ‬الدواء،‭ ‬هل‭ ‬قبل‭ ‬موته‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله،‭ ‬أم‭ ‬بعد‭ ‬موته‭! ‬

المسألة‭ ‬تتطلب‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة،‭ ‬تُدرج‭ ‬فيها‭ ‬تلك‭ ‬الأمراض،‭ ‬وأعداد‭ ‬المصابين‭ ‬بها،‭ ‬ونوع‭ ‬وكمية‭ ‬الأدوية‭ ‬التي‭ ‬يحتاجونها‭ ‬خلال‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬أو‭ ‬خلال‭ ‬عام،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬طلب‭ ‬كمية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأدوية‭ ‬قبل‭ ‬نفاد‭ ‬الكمية‭ ‬المتوافرة‭ ‬في‭ ‬مخازنها‭ ‬بوقت‭ ‬كافٍ‭ ‬لاستيرادها،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تنتظر‭ ‬أن‭ ‬ينفد‭ ‬المخزون‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأدوية،‭ ‬لتشرع‭ ‬حينها‭ ‬بطلب‭ ‬شحنة‭ ‬جديدة،‭ ‬فالمرض‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬معنى‭ ‬لعدم‭ ‬توافر‭ ‬الأدوية‭ ‬بل‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يفترس‭ ‬مرضاه‭.‬

ياسمينة‭: ‬متى‭ ‬ستكون‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لتوفير‭ ‬الأدوية؟‭.‬