أخلاقك... جمالك

| زهير توفيقي

الذوق‭ ‬والأصول‭ ‬والاحترام‭ ‬والوفاء‭ ‬والحب‭ ‬والإخلاص‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الصفات‭ ‬الطيبة‭ ‬والحميدة‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التحلي‭ ‬بها‭ ‬جميعًا،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭.. ‬هل‭ ‬يستطيع‭ ‬المرء‭ ‬جمع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الصفات‭ ‬الرائعة؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬رابع‭ ‬المستحيلات؟‭ ‬شخصيًا‭ ‬أرى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬ممكن‭ ‬جدًا،‭ ‬هذا‭ ‬بالطبع‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬كذلك‭ ‬وتجنبنا‭ ‬كل‭ ‬الصفات‭ ‬السيئة‭ ‬التي‭ ‬تدمر‭ ‬حياتنا‭ ‬وحياة‭ ‬الناس‭ ‬كلها‭. ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬والجينات‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬ومحوريًا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الثقافة‭ ‬والتعليم،‭ ‬فتصادفنا‭ ‬مواقف‭ ‬كثيرة‭ ‬بعضها‭ ‬جميل‭ ‬ورائع‭ ‬وبعضها‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬محزن‭ ‬بسبب‭ ‬تصرف‭ ‬بسيط‭ ‬من‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬يصادفك‭ ‬أشخاص‭ ‬كنت‭ ‬تتمنى‭ ‬لو‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬التقيت‭ ‬بهم‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة،‭ ‬وهناك‭ ‬أشخاص‭ ‬تندم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬قضيتها‭ ‬معهم‭! ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحياة‭!‬

مناسبة‭ ‬هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬أنني‭ ‬تواصلت‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬بها‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬لتقديم‭ ‬واجب‭ ‬العزاء،‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬سنتين‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬لا‭ ‬أذكر‭ ‬بقينا‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬مستمر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬أعرفه‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬‮٢‬‮٥‬‭ ‬عامًا‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وبحكم‭ ‬طبيعة‭ ‬عمله‭ ‬ونظام‭ ‬النوبات‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬ألتقي‭ ‬به،‭ ‬وكانت‭ ‬المناسبة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬التقيت‭ ‬به‭ ‬فيها‭ ‬مشاركته‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬التابع‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬وحينها‭ ‬كنت‭ ‬مديرًا‭ ‬للفريق‭.‬

هذا‭ ‬الموظف‭ ‬“اللاعب”‭ ‬كان‭ ‬يبهرني‭ ‬بأخلاقه‭ ‬وأسلوبه‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬هدوئه‭ ‬وادائه‭ ‬الرجولي‭ ‬والانضباط‭. ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬بعث‭ ‬لي‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬بورقة‭ ‬إهداءcompliment slip‭  ‬موقعة‭ ‬من‭ ‬قبلي‭ ‬وكتب‭ ‬عليها‭ ‬“لقد‭ ‬كنت‭ ‬حقاً‭ ‬نجمًا‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭.. ‬ما‭ ‬قصرت”‭ ‬ومذيلة‭ ‬بتوقيعي،‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬احتفاظه‭ ‬بهذه‭ ‬الورقة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬‮٢٥‬‭ ‬عامًا‭! ‬بصراحة‭ ‬شديدة‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬أن‭ ‬أتمالك‭ ‬نفسي‭ ‬وشعوري،‭ ‬فقد‭ ‬تأثرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬طيب‭ ‬ونقاء‭ ‬معدن‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭. ‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الأخلاق‭ ‬الحميدة‭ ‬صفة‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬المؤمن‭ ‬التي‭ ‬يدعونا‭ ‬ويحثنا‭ ‬عليها‭ ‬الإسلام،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬جمال‭ ‬الإنسان‭ ‬سيزداد‭ ‬حين‭ ‬يتحلّى‭ ‬بالأخلاق‭ ‬الفاضلة‭ ‬التي‭ ‬تُجمّله‭ ‬وتجعلهُ‭ ‬أكثر‭ ‬قُرباً‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭ ‬وأكثر‭ ‬قُرباً‭ ‬من‭ ‬ربّهِ‭ ‬أيضاً،‭ ‬فالأخلاق‭ ‬منظومة‭ ‬مُتكاملة‭ ‬لا‭ ‬تتجزأ،‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬أن‭ ‬يلتزمَ‭ ‬بكلّ‭ ‬تفاصيلها‭.‬

صدق‭ ‬الشاعر‭ ‬الكبير‭ ‬أحمد‭ ‬شوقي‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬“وَإِنَّمَا‭ ‬الأُمَمُ‭ ‬الأَخْلاقُ‭ ‬مَا‭ ‬بَقِيَتْ‭ ‬فَإِنْ‭ ‬هُمُ‭ ‬ذَهَبَتْ‭ ‬أَخْلاقُهُمْ‭ ‬ذَهَبُوا”‭.‬