دائرة الفصول الأربعة

| د.حورية الديري

في‭ ‬عالم‭ ‬عملاق‭ ‬يعيش‭ ‬الإنسان‭ ‬ويتفاعل‭ ‬مع‭ ‬الأنظمة‭ ‬والقوانين‭ ‬التي‭ ‬تُمكنه‭ ‬من‭ ‬صياغة‭ ‬سيناريوهات‭ ‬وتصورات‭ ‬حقيقية‭ ‬أو‭ ‬خيالية،‭ ‬قد‭ ‬تُكتب‭ ‬تفاصيلها‭ ‬وأحداثها،‭ ‬وتصنع‭ ‬فرقًا‭ ‬وتُكسي‭ ‬لونًا‭ ‬يلمع‭ ‬ويبرق،‭ ‬أو‭ ‬تُحدث‭ ‬ضجيجًا‭ ‬قد‭ ‬يصدم‭ ‬ويهدم،‭ ‬باختصار‭ ‬شديد،‭ ‬إننا‭ ‬نتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬تتفق‭ ‬وتختلف‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬السيناريو،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬اختياره‭ ‬من‭ ‬مفاهيم‭ ‬ومصطلحات،‭ ‬وهكذا‭ ‬تنشأ‭ ‬أصداء‭ ‬العلاقات‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب‭ ‬المتنامي‭.‬

والسؤال‭ ‬هنا،‭ ‬كيف‭ ‬يصنع‭ ‬الإنسان‭ ‬لنفسه‭ ‬الأمان‭ ‬الشخصي؟‭ ‬اختلفت‭ ‬مع‭ ‬نفسي‭ ‬كثيرًا‭ ‬أثناء‭ ‬الوقوف‭ ‬بالتحليل‭ ‬المنطقي‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر،‭ ‬وراودتني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬وضعت‭ ‬منها‭ ‬تصورات،‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬دواعيها‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬ذاته‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬للتزييف‭ ‬أو‭ ‬التهويل‭ ‬أن‭ ‬يتخلل‭ ‬علاقاته‭ ‬ويتحكم‭ ‬في‭ ‬ردود‭ ‬أفعاله،‭ ‬فكما‭ ‬تسير‭ ‬منظومة‭ ‬الفصول‭ ‬الأربعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬فلن‭ ‬يجد‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬إلا‭ ‬وهو‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬المنظومة‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يستوعب‭ ‬تداعياتها‭ ‬الأصلية‭ ‬ويتفاعل‭ ‬مع‭ ‬صورها‭ ‬الحقيقية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬نتائجها‭ ‬بواقعية‭ ‬تضمن‭ ‬له‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬يعيش‭ ‬معهم،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أي‭ ‬سيناريو‭ ‬دون‭ ‬أحداث‭ ‬يصنعها‭ ‬أشخاص‭ ‬مختلفون‭ ‬في‭ ‬الفكر،‭ ‬متفقون‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬والهدف‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬يأخذني‭ ‬حماس‭ ‬انتهاء‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬لنستعد‭ ‬لفترة‭ ‬غامرة‭ ‬بأجواء‭ ‬لطيفة‭ ‬كي‭ ‬نتناغم‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬تحسن‭ ‬الظروف‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬ألمت‭ ‬بالعالم،‭ ‬وندرك‭ ‬ما‭ ‬نمر‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬دوران‭ ‬مستمرة‭ ‬تتطلب‭ ‬التركيز‭ ‬فيما‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الفصول‭ ‬الأربعة،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬نقبلها‭ ‬ونتكيف‭ ‬معها‭ ‬حسب‭ ‬الحالة‭ ‬والظروف‭ ‬ونبقى‭ ‬جاهزين‭ ‬مستعدين‭ ‬لما‭ ‬يتطلبه‭ ‬كل‭ ‬فصل‭ ‬منها،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬نترك‭ ‬الأمر‭ ‬دون‭ ‬استعداد‭ ‬ونتحمل‭ ‬عواقب‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬ولنا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مثال‭ ‬بعدم‭ ‬ملاءمة‭ ‬ارتداء‭ ‬ملابس‭ ‬الصيف‭ ‬الحار‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬القارص،‭ ‬كذلك‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬وبناء‭ ‬فرق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المؤسسات،‭ ‬فإن‭ ‬الوصول‭ ‬بها‭ ‬نحو‭ ‬غاية‭ ‬محددة‭ ‬تضمن‭ ‬نجاحها‭ ‬واستمرارها،‭ ‬يتطلب‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬إيجابية‭ ‬ذات‭ ‬نظرة‭ ‬شمولية‭ ‬لصياغة‭ ‬رسالة‭ ‬كل‭ ‬شخص،‭ ‬بما‭ ‬يعكس‭ ‬وعيه‭ ‬التام‭ ‬حول‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬تبنى‭ ‬عليها‭ ‬سيناريوهات‭ ‬الحدث‭ ‬بالصورة‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬تبني‭ ‬منظومة‭ ‬العلاقات‭ ‬وفق‭ ‬منهجية‭ ‬الأمان‭ ‬اللفظي‭ ‬والقبول‭ ‬المجتمعي،‭ ‬فلا‭ ‬أمان‭ ‬شخصي‭ ‬دون‭ ‬شعور‭ ‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬تقبل‭ ‬أي‭ ‬ظرف‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬أي‭ ‬فصل‭ ‬من‭ ‬فصول‭ ‬السنة‭.‬