ستة على ستة

المسلمون بعد 20 عامًا من أحداث 11 سبتمبر

| عطا السيد الشعراوي

ستظل‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬2001‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬التاريخية‭ ‬المفصلية‭ ‬التي‭ ‬غيرت‭ ‬ملامح‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬وفي‭ ‬سياسات‭ ‬ومواقف‭ ‬الدول،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬تطورات‭ ‬وحياة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬فكانت‭ ‬وبالاً‭ ‬على‭ ‬أناس‭ ‬ومنحة‭ ‬لآخرين،‭ ‬كارثة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬وباب‭ ‬تمكين‭ ‬ونفوذ‭ ‬لأخرى،‭ ‬فتضرر‭ ‬البعض‭ ‬واستفاد‭ ‬آخرون،‭ ‬ووقف‭ ‬ثالث‭ ‬موقف‭ ‬المشاهد‭ ‬والمتابع‭ ‬للفريقين‭ ‬لظنه‭ ‬بابتعاده‭ ‬عن‭ ‬الموضوع‭ ‬برمته‭.‬

المفترض‭ ‬والمتصور‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تأثير‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث‭ ‬سلبيًا‭ ‬تمامًا‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬الإسلام‭ ‬والإرهاب،‭ ‬وراج‭ ‬مصطلح‭ ‬الإسلاموفوبيا‭ ‬رواجا‭ ‬كبيرا‭ ‬ووجد‭ ‬سوقًا‭ ‬واسعة‭ ‬وزبائن‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬شتى‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬كأنها‭ ‬كانت‭ ‬تترقب‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬لتنال‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬وأتباعه‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬مجلة‭ ‬“إيكونوميست”‭ ‬نشرت‭ ‬تقريرًا‭ ‬مؤخرًا‭ ‬يقول‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك،‭ ‬إذ‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬العشرين‭ ‬عامًا‭ ‬الماضية‭ ‬كانت‭ ‬فترة‭ ‬ذهبية‭ ‬للمسلمين‭ ‬الأميركيين،‭ ‬فقد‭ ‬تضاعف‭ ‬عددهم‭ ‬إلى‭ ‬3‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬وزاد‭ ‬حضورهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬أضعافا‭ ‬مضاعفة،‭ ‬كما‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬المساجد‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬2001‭ ‬إلى‭ ‬الضعف،‭ ‬وزادت‭ ‬نسبة‭ ‬تعلم‭ ‬المسلمين،‭ ‬ومن‭ ‬يشغلون‭ ‬مهنا‭ ‬مرموقة‭ ‬مثل‭ ‬الطب‭ ‬والصحافة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬فنانين‭ ‬وكتاب‭ ‬مسلمين‭ ‬بأعداد‭ ‬مقبولة‭ ‬ولهم‭ ‬إسهامات‭ ‬وتأثيرات‭ ‬ملموسة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬حيث‭ ‬حصلوا‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬مهمة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سياسيين‭ ‬تم‭ ‬انتخابهم‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬ودوائر‭ ‬مختلفة‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬الكونغرس‭ ‬بانتخاب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬رشيدة‭ ‬طليب‭ ‬وإلهان‭ ‬عمر‭.‬

الغريب‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التقدم‭ ‬والتحسن‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬المسلمين‭ ‬الأميركيين‭ ‬يتزامن‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬“الإسلام”‭ ‬يحض‭ ‬على‭ ‬العنف،‭ ‬إذ‭ ‬يرى‭ ‬نصف‭ ‬الأميركيين‭ ‬وغالبية‭ ‬الجمهوريين‭ ‬ـ‭ ‬وفقا‭ ‬للمجلة‭ ‬الأميركية‭ ‬ـ‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬العنف،‭ ‬وهو‭ ‬ضعف‭ ‬العدد‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬نفس‭ ‬الرأي‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬فهل‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬حقيقة‭ ‬المسلمين‭ ‬وتعاملاتهم‭ ‬وتأثيراتهم‭ ‬وإسهاماتهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع؟‭! ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حجابا‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬إنجازاتهم،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬موقفا‭ ‬ثابتا‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يتغير‭ ‬تجاه‭ ‬المسلمين‭ ‬والإسلام؟‭.‬