سوالف

لابد من تدارك الموقف... فالطفيليون سيطروا على الدراما الخليجية

| أسامة الماجد

ترى‭ ‬الدكتورة‭ ‬نسمة‭ ‬أحمد‭ ‬البطريق‭ ‬أن‭ ‬المنهج‭ ‬الكيفي‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬يؤكد‭ ‬القيمة‭ ‬الجمالية‭ ‬والإبداعية‭ ‬لها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬قيمتها‭ ‬الفكرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬كعناصر‭ ‬مهمة‭ ‬لقوة‭ ‬العمل‭ ‬ككل‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التأثير،‭ ‬هذا‭ ‬المنهج‭ ‬يأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬عامل‭ ‬الكيف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الكم،‭ ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬يمكن‭ ‬دراسة‭ ‬جماليات‭ ‬أعمال‭ ‬مثل‭ ‬“ليالي‭ ‬الحلمية”،‭ ‬و”رأفت‭ ‬الهجان”‭ ‬وأعمال‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬علم‭ ‬اجتماع‭ ‬النص‭ ‬الكيفي،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬الدرامية‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬نماذج‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬نمطي‭ ‬يتعرف‭ ‬عليه‭ ‬الجميع،‭ ‬وكذلك‭ ‬تسعى‭ ‬لحل‭ ‬مشكلة‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬فلسفية‭ ‬جمالية‭ ‬أو‭ ‬فكرية‭ ‬اجتماعية‭ ‬تضع‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬الوظيفة‭ ‬النقدية‭ ‬للمجتمع،‭ ‬لا‭ ‬الوظيفة‭ ‬التجارية‭ ‬الاستهلاكية‭.‬

بكل‭ ‬أسف‭ ‬لقد‭ ‬أدار‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬ظهورهم‭ ‬للدور‭ ‬الخطير‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬الدراما‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬كلمتها‭ ‬إلى‭ ‬الملايين،‭ ‬فقد‭ ‬أساء‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المنتجين‭ ‬والفنانين‭ ‬الكبار‭ ‬الذين‭ ‬يمتلكون‭ ‬مؤسسات‭ ‬إنتاجية‭ ‬إلى‭ ‬الفن‭ ‬أبلغ‭ ‬إساءة،‭ ‬عبر‭ ‬إغراق‭ ‬الفضائيات‭ ‬بأعمال‭ ‬غير‭ ‬لائقة‭ ‬أخلاقيا‭ ‬وفنيا،‭ ‬وتفتقد‭ ‬إلى‭ ‬الهدوء‭ ‬الفكري‭ ‬والفلسفة‭ ‬الجديدة‭ ‬والرسالة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للفن،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬نشاهده‭ ‬فنا‭ ‬يائسا،‭ ‬شاذا،‭ ‬مريضا،‭ ‬منتقما‭ ‬من‭ ‬عاداتنا‭ ‬وتقاليدنا‭ ‬وثقافتنا،‭ ‬ويحق‭ ‬لنا‭ ‬كصحافة‭ ‬أن‭ ‬ندق‭ ‬ناقوس‭ ‬الخطر‭ ‬ونبين‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الدراما‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬وعزوف‭ ‬الجمهور‭ ‬عنها‭ ‬وانزواءه‭ ‬في‭ ‬ركن‭ ‬مغمور‭ ‬من‭ ‬الحياة‭.‬

لقد‭ ‬تجاهل‭ ‬المنتجون‭ ‬والفنانون‭ ‬واجبهم‭ ‬المقدس‭ ‬نحو‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يعيشون‭ ‬فيه،‭ ‬وأصبحوا‭ ‬مثل‭ ‬الشياطين،‭ ‬يسعون‭ ‬لتربية‭ ‬إنسان‭ ‬فاضل‭ ‬لا‭ ‬يستهويه‭ ‬الشر‭ ‬وتغيير‭ ‬ملامح‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬عبر‭ ‬مسلسلات‭ ‬ضعيفة‭ ‬خاوية‭ ‬من‭ ‬المعنى‭ ‬والهدف،‭ ‬وكأن‭ ‬هناك‭ ‬مخططا‭ ‬فكريا‭ ‬متكاملا‭ ‬لنشر‭ ‬التفاهات‭ ‬والسخافات‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭.‬

على‭ ‬أصحاب‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تدارك‭ ‬الموقف،‭ ‬لأن‭ ‬قضية‭ ‬الدراما‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الراهنة‭ ‬والمهمة‭ ‬في‭ ‬شؤوننا‭ ‬الفكرية‭ ‬والفنية،‭ ‬لكنها‭ ‬اليوم‭ ‬تسير‭ ‬بلا‭ ‬أسس‭ ‬وقواعد‭ ‬بسبب‭ ‬دخول‭ ‬طفيليات‭ ‬تشوه‭ ‬الفن‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬تنهض‭ ‬به،‭ ‬فعندما‭ ‬يغيب‭ ‬الاهتمام‭ ‬برعاية‭ ‬الفنون‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يتكاثر‭ ‬الطفيليون‭ ‬والنصابون‭.‬