التعليم .. رقمي وتفاعلي

| د. عبدالله الحواج

قد‭ ‬يكون‭ ‬اللقاء‭ ‬الصحفي‭ ‬مع‭ ‬جريدة‭ ‬البلاد‭ ‬“وجهًا‭ ‬لوجه”‭ ‬مقدمة‭ ‬لابد‭ ‬منها‭ ‬ونحن‭ ‬نتجه‭ ‬نحو‭ ‬العودة‭ ‬الميمونة‭ ‬للتعليم‭ ‬وجهًا‭ ‬لوجه،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬أيامنا‭ ‬الخضراء‭ ‬ضمن‭ ‬مساحة‭ ‬مسئولة‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الجائحة‭ ‬مازالت‭ ‬مهيمنة‭ ‬على‭ ‬تعاطي‭ ‬المؤسسات‭ ‬مع‭ ‬الحالة‭ ‬المترددة‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬بُعد‭ ‬أرقام‭ ‬هزيلة‭ ‬حول‭ ‬إصابات‭ ‬كورونا،‭ ‬وحول‭ ‬ضحاياها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭.‬

نصف‭ ‬تباعد،‭ ‬ونصف‭ ‬وجه‭ ‬لوجه،‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬حلًا‭ ‬مؤقتًا‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬بالتباعد‭ ‬التفاعلي،‭ ‬كيف‭ ‬سنكون‭ ‬متفاعلين‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بكل‭ ‬صفاته‭ ‬ومواصفاته‭ ‬وجرائره؟‭ ‬السؤال‭ ‬وجيه‭ ‬وكان‭ ‬محور‭ ‬لقاء‭ ‬صحيفة‭ ‬البلاد‭ ‬الغراء‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الصحفي‭ ‬القدير‭ ‬سعيد‭ ‬محمد‭ ‬حول‭ ‬التعليم‭ ‬التباعدي‭ ‬التفاعلي،‭ ‬كيفية‭ ‬تحقيق‭ ‬المعادلة‭ ‬الصعبة؟‭ ‬وعلى‭ ‬أي‭ ‬مستوى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننتظر‭ ‬المردود‭ ‬والنتائج‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬المرحلة‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬“النص‭ ‬نص”،‭ ‬أو‭ ‬مسك‭ ‬العصا‭ ‬من‭ ‬المنتصف؟

سؤال‭ ‬البلاد‭ ‬كان‭ ‬وجيهًا،‭ ‬وفي‭ ‬وقته،‭ ‬والإجابات‭ ‬مثلما‭ ‬قرأناها‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬كانت‭ ‬تصب‭ ‬باتجاه‭ ‬مصلحة‭ ‬الكيان،‭ ‬النشاط‭ ‬الأكاديمي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وبعد‭ ‬وقبل‭ ‬الجائحة،‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬البحريني‭ ‬وتحدياته،‭ ‬مستقبله‭ ‬وحاضره‭ ‬وأمنياته‭.‬

كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬البحث‭ ‬مع‭ ‬“البلاد”،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعاصي‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬المنظومة‭ ‬في‭ ‬المهد،‭ ‬ومازالت‭ ‬تجني‭ ‬خسائرها‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة،‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬أيامًا‭ ‬جديدة،‭ ‬فرصًا‭ ‬كبيرة‭ ‬أتاحتها‭ ‬لنا‭ ‬الجائحة،‭ ‬امتحان‭ ‬صعب،‭ ‬لكنه‭ ‬أفرز‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬مذهلة‭.‬

ونحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله‭ ‬أننا‭ ‬اجتزنا‭ ‬الامتحان‭ ‬بنجاح‭ ‬منقطع‭ ‬النظير،‭ ‬منظومة‭ ‬الأعمال‭ ‬برمتها‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬النفق‭ ‬المظلم‭ ‬أكثر‭ ‬إبصارًا‭ ‬من‭ ‬ذي‭ ‬قبل،‭ ‬تجاوزت‭ ‬الانكسار‭ ‬وباتت‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬نظرًا‭ ‬لامتلاكنا‭ ‬نواصي‭ ‬التقنية،‭ ‬لاحترافنا‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬آليات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬“أون‭ ‬لاين”‭ ‬و”تيمز”‭ ‬وغيرهما،‭ ‬ولأن‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬تفاعليًا‭ ‬بطبيعته،‭ ‬لكن‭ ‬ابتكار‭ ‬وسائل‭ ‬تكنولوجية‭ ‬جديدة‭ ‬قد‭ ‬تؤهل‭ ‬القطاع‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬لديه‭ ‬تلك‭ ‬الإمكانية‭ ‬التي‭ ‬تُقرب‭ ‬ولا‭ ‬تُبعد،‭ ‬تُخاطب‭ ‬في‭ ‬الصميم،‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬بُعد،‭ ‬تتعامل‭ ‬بحميمية‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬تفتقر‭ ‬لإمكانية‭ ‬التعامل‭ ‬وجهًا‭ ‬لوجه‭.‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬سياسة‭ ‬“النص‭ ‬نص”‭ ‬حلًا‭ ‬مفصليًا‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬الخضراء،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬التقنية‭ ‬الملزمة‭ ‬حلًا‭ ‬علميًا‭ ‬وعمليًا‭ ‬لتقريب‭ ‬المسافات‭ ‬بين‭ ‬الطالب‭ ‬والأستاذ،‭ ‬بين‭ ‬الجامعة‭ ‬وأعضائها‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والإداريين،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬للجديد‭ ‬التكنولوجي‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭ ‬حتى‭ ‬ندرس‭ ‬علومًا‭ ‬تتفاعل‭ ‬فيها‭ ‬المنظومة‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض،‭ ‬وتتقارب‭ ‬فيها‭ ‬الأجساد‭ ‬والأرواح‭ ‬والأفكار‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر،‭ ‬وقد‭ ‬يصبح‭ ‬للنظام‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬بين‭ ‬أقسام‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬كلمة‭ ‬السر‭ ‬أو‭ ‬فعل‭ ‬السحر؛‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬لنا‭ ‬اجتياز‭ ‬المحنة‭ ‬بأقل‭ ‬خسائر‭ ‬ممكنة،‭ ‬بل‭ ‬بتحويل‭ ‬الخسائر‭ ‬إلى‭ ‬مكاسب‭ ‬بالجملة‭.‬

التعليم‭ ‬التفاعلي‭ ‬رغم‭ ‬الجائحة،‭ ‬أطلقته‭ ‬ندوة‭ ‬البلاد،‭ ‬وفكرت‭ ‬فيه‭ ‬المنظومة،‭ ‬بل‭ ‬واستعدت‭ ‬له‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬أبواب‭ ‬عام‭ ‬دراسي‭ ‬جديد،‭ ‬وعلى‭ ‬أعتاب‭ ‬مرحلة‭ ‬تمكنت‭ ‬فيها‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬ضمانات‭ ‬الترقي‭ ‬والاحتراز‭ ‬الصحي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬وفريق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬النجاح‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬بروتوكولات‭ ‬اللجنة،‭ ‬وتعليماتها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬التعاون‭ ‬الباهر‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬فئات‭ ‬المواطنين،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬وتُدير‭ ‬وتتعاطى‭ ‬باحترافية‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والتعليمية‭ ‬والخدمية‭ ‬وغيرها‭.‬

إن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تسطيح‭ ‬الإصابات‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلما‭ ‬اجتازت‭ ‬أعقد‭ ‬المراحل‭ ‬وأكثرها‭ ‬صعوبة‭ ‬عندما‭ ‬تجاوزت‭ ‬الإصابات‭ ‬الثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬إصابة‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر،‭ ‬ولحسن‭ ‬الطالع‭ ‬أن‭ ‬تكاتف‭ ‬الحكومة‭ ‬مع‭ ‬الناس،‭ ‬وتعاون‭ ‬المؤسسات‭ ‬مع‭ ‬الأفراد‭ ‬مواطنين‭ ‬ومقيمين‭ ‬وزائرين‭ ‬عابرين،‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أكبر‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬وصول‭ ‬سفينة‭ ‬الوطن‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬بأمان‭ ‬واستقرار‭ ‬ومنعة‭ ‬ووعي‭ ‬كامل‭ ‬بأهمية‭ ‬اجتياز‭ ‬المرحلة‭ ‬واقتناص‭ ‬الفرص‭ ‬وتحويل‭ ‬التحدي‭ ‬إلى‭ ‬نشاط،‭ ‬والتباعد‭ ‬إلى‭ ‬تفاعل،‭ ‬و”النص‭ ‬نص”‭ ‬إلى‭ ‬اكتمال‭ ‬ناجح‭ ‬لأصعب‭ ‬تجربة‭.‬