موقف إنساني.. عنوانه الرحمة

| زهير توفيقي

كثيرة‭ ‬هي‭ ‬القصص‭ ‬والمواقف‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬بمثابة‭ ‬دروس‭ ‬وعبر،‭ ‬منها‭ ‬المفرح‭ ‬ومنها‭ ‬المحزن،‭ ‬وجميعها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬تضرب‭ ‬فيهم‭ ‬أروع‭ ‬الأمثال،‭ ‬لتصبح‭ ‬قدوة‭ ‬حسنة‭ ‬للبشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬فقد‭ ‬نشرت‭ ‬إحدى‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬عن‭ ‬عائلة‭ ‬سعودية‭ ‬ملهمة‭ ‬ومتسلحة‭ ‬بكل‭ ‬معاني‭ ‬الإنسانية،‭ ‬إذ‭ ‬قررت‭ ‬تبني‭ ‬ابنة‭ ‬السائق‭ ‬البنغلاديشي‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬عندها‭ ‬عندما‭ ‬توفيت‭ ‬زوجته‭ ‬بعد‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬ولادتها‭.‬

لاشك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬الواقعية‭ ‬تعتبر‭ ‬أشبه‭ ‬بالخيال،‭ ‬فهذه‭ ‬العائلة‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬تستحق‭ ‬رفع‭ ‬القبعة‭ ‬لها‭ ‬ضربت‭ ‬أروع‭ ‬وأصدق‭ ‬رواية‭ ‬في‭ ‬الحب‭ ‬والعطف‭ ‬ورد‭ ‬الجميل‭ ‬والرحمة،‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬قامت‭ ‬بتسمية‭ ‬الطفلة‭ ‬“رحمة”،‭ ‬وقد‭ ‬شاءت‭ ‬الصدف‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬أم‭ ‬سيف‭ ‬بإرضاعها‭ ‬حيث‭ ‬تزامن‭ ‬وقت‭ ‬ولادتها‭ ‬أيضا‭ ‬بأشهر‭ ‬قليلة،‭ ‬وبصراحة‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬قراءتي‭ ‬الخبر‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أتمالك‭ ‬نفسي‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬فرحتي‭ ‬وتأثري‭ ‬بهذه‭ ‬القصة‭ ‬الحقيقية‭ ‬الملهمة‭ ‬التي‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬عنها‭ ‬لتكون‭ ‬عبرة‭ ‬في‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬ننادي‭ ‬بها،‭ ‬فهي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الناجحة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعطيها‭ ‬الإعلام‭ ‬السعودي‭ ‬والعربي‭ ‬حقها،‭ ‬وذلك‭ ‬لنؤكد‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬تملك‭ ‬قدرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬الحب‭ ‬والحنان‭ ‬والرحمة‭ ‬والمعاملة‭ ‬الطيبة‭ ‬للجميع‭.‬

وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬الشخصي‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬نفتقد‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬الإيجابي،‭ ‬أي‭ ‬الإعلام‭ ‬القوي‭ ‬المرئي‭ ‬والمسموع‭ ‬والمقروء،‭ ‬ليركز‭ ‬على‭ ‬الجوانب‭ ‬الإيجابية‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬قصص‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬لإعطاء‭ ‬العالم‭ ‬الصورة‭ ‬الإيجابية‭ ‬والصحيحة‭ ‬لشعوبنا‭ ‬والمبادرات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فكلنا‭ ‬يجمعنا‭ ‬دين‭ ‬واحد‭ ‬ولغة‭ ‬واحدة‭ ‬ومصير‭ ‬واحد‭. ‬صدقوني‭ ‬أننا‭ ‬لو‭ ‬عملنا‭ ‬بروح‭ ‬الفريق‭ ‬الواحد‭ ‬وبصدق،‭ ‬شريطة‭ ‬فصل‭ ‬السياسة‭ ‬عن‭ ‬الدين‭ ‬لأصبحنا‭ ‬أنموذجا‭ ‬يحتذى‭. ‬دعونا‭ ‬نبرهن‭ ‬للعالم‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬رسالة‭ ‬خير‭ ‬وسلام‭ ‬ورحمة‭ ‬للبشرية‭ ‬كلها،‭ ‬حيث‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬التراحم،‭ ‬وجعل‭ ‬الرحمة‭ ‬من‭ ‬دلائل‭ ‬كمال‭ ‬الإيمان،‭ ‬فالمسلم‭ ‬يلقى‭ ‬الناس‭ ‬وفي‭ ‬قلبه‭ ‬عطف‭ ‬وبر،‭ ‬يوسع‭ ‬لهم‭ ‬ويخفف‭ ‬عنهم‭ ‬ويواسيهم،‭ ‬فعن‭ ‬ابن‭ ‬مسعود‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه،‭ ‬عن‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ‬“لن‭ ‬تؤمنوا‭ ‬حتى‭ ‬تتراحموا”،‭ ‬قالوا‭: ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله،‭ ‬كلنا‭ ‬رحيم،‭ ‬قال‭: ‬“إنه‭ ‬ليس‭ ‬برحمة”‭.‬