المسمار الأخير في نعش الإسلام السياسي

| بدور عدنان

استغلت‭ ‬جماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬مشهد‭ ‬الفوضى‭ ‬إبان‭ ‬الخريف‭ ‬العربي‭ ‬لتقدم‭ ‬نفسها‭ ‬للشعوب‭ ‬العربية‭ ‬كبديل‭ ‬للأنظمة‭ ‬السياسية‭ ‬البائدة،‭ ‬وتتقلد‭ ‬مناصب‭ ‬مهمة‭ ‬وحساسة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الجديد،‭ ‬ففي‭ ‬دول‭ ‬كمصر‭ ‬والسودان‭ ‬وتونس‭ ‬وليبيا‭ ‬نجحت‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬وبدعم‭ ‬خارجي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تختزل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬أجنداتها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬طوعتها‭ ‬لخدمة‭ ‬أهدافها‭.‬

مصر‭ ‬استطاعت‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬عباءة‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬هذه‭ ‬الحركات‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬تحديداً،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬المصري‭ ‬يمتلك‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬والوعي‭ ‬السياسي‭ ‬ما‭ ‬مكنه‭ ‬من‭ ‬كشف‭ ‬زيفها،‭ ‬فقد‭ ‬قلبت‭ ‬ثورة‭ ‬المصريين‭ ‬الطاولة‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الجماعات،‭ ‬ما‭ ‬أجبر‭ ‬دولا‭ ‬كانت‭ ‬تحارب‭ ‬مصر‭ ‬بضراوة‭ ‬بدعم‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭ ‬للتسليم‭ ‬بواقع‭ ‬أفول‭ ‬نجم‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬ومهادنتها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حنكة‭ ‬وخبرة‭ ‬وسرعة‭ ‬التحرك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬كدول‭ ‬الخليج‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تجتث‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬الخريف‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬جذورها‭ ‬ليوضع‭ ‬لها‭ ‬حد‭ ‬حاسم‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتوغل‭ ‬وتنتشر‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬الخليجية‭.‬

دول‭ ‬أخرى‭ ‬احتاجت‭ ‬مددا‭ ‬أطول‭ ‬لكشف‭ ‬زيف‭ ‬وحقيقة‭ ‬أهداف‭ ‬وغايات‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬التغلغل‭ ‬في‭ ‬مفاصل‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬ففي‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وأكبر‭ ‬المعاقل‭ ‬الأخيرة‭ ‬للجماعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬كبير،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭ ‬وكسبت‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬استطاع‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬بعثرة‭ ‬أوراقها‭ ‬أو‭ ‬بتصوير‭ ‬أبلغ‭ ‬حرق‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬أوراق‭ ‬الحركات‭ ‬الإسلامية‭ ‬بعد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬المستندة‭ ‬للدستور‭ ‬التونسي،‭ ‬خطوات‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬خلخلت‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تبني‭ ‬عليه‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬بنيانها،‭ ‬وسارع‭ ‬في‭ ‬تداعيها،‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬بداية‭ ‬الفصل‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬تمدد‭ ‬هذه‭ ‬الأحزاب‭.‬

في‭ ‬ليبيا‭ ‬مازالت‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬تنازع‭ ‬وتتشبث‭ ‬بآخر‭ ‬فرصها‭ ‬تارة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تغيير‭ ‬مسماها‭ ‬الحزبي،‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التهديد‭ ‬بعرقلة‭ ‬انتخابات‭ ‬ديسمبر‭ ‬المقبلة،‭ ‬فجماعات‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬استقرأت‭ ‬مؤشرات‭ ‬الرأي‭ ‬للشارع‭ ‬الليبي‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬انخفاض‭ ‬شعبيتها‭ ‬واستحالة‭ ‬فوزها،‭ ‬ما‭ ‬دفعها‭ ‬لعرقلة‭ ‬ورفض‭ ‬الانتخابات‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تقام‭.‬